صفة المخلوق هي صفة الخالق بل ولا مثلها بل فيها الدلالة على الفرق بين صفة الخالق وبين صفة المخلوق فليس كلامه مثل كلامه ولا معناه مثل معناه ولا حرفه مثل حرفه ولا صوته مثل صوته كما أنه ليس علمه مثل علمه ولا قدرته مثل قدرته ولا سمعه مثل سمعه ولا بصره مثل بصره فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله
ولما استقر في فطر الخلق كلهم الفرق بين سماع الكلام من المتكلم به ابتداء وبين سماعه من المبلغ عنه كان ظهور هذا الفرق في سماع كلام الله من المبلغين عنه أوضح من أن يحتاج إلى الإطناب
وقد بين أئمة السنة والعلم كالإمام أحمد والبخاري صاحب الصحيح في كتابه في خلق الأفعال وغيرهما من أئمة السنة من الفرق بين صوت الله المسموع منه وصوت العباد بالقرآن وغيره ما لا يخالفهم فيه أحد من العلماء أهل العقل والدين فصل
وأما قوله تعالى ﴿ إنه لقول رسول كريم ﴾ فهذا قد ذكره في موضعين فقال في الحاقة ﴿ إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون ﴾ فالرسول هنا محمد ﷺ وقال في التكوير ﴿ إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم بمجنون ولقد رآه بالأفق المبين ﴾ فالرسول هنا جبريل فأضافه إلى الرسول من البشر تارة وإلى الرسول من الملائكة تارة باسم الرسول ولم يقل إنه لقول ملك ولا نبي لأن لفظ الرسول يبين أنه مبلغ عن غيره لا منشيء له من عنده ﴿ وما على الرسول إلا البلاغ المبين ﴾ فكان قوله ﴿ إنه لقول رسول كريم ﴾ بمنزلة قوله لتبليغ رسول أو مبلغ من رسول كريم أو جاء به رسول كريم أو مسموع عن رسول كريم وليس معناه أنه أنشأه أو أحدثه أو أنشأ شيئا منه أو أحدثه رسول كريم إذ لو كان منشئا لم يكن رسولا فيما أنشأه وابتدأه وإنما يكون رسولا فيما بلغه وأداه ومعلوم أن الضمير عائد إلى القرآن مطلقا
وأيضا فلو كان أحد الرسولين أنشأ حروفه ونظمه امتنع أن يكون الرسول الآخر هو المنشىء المؤلف لها فبطل أن تكون إضافته إلى الرسول لأجل أحداث لفظه ونظمه ولو جاز