المحرر الوجيز، ج ١، ص : ١٣٣
يا حرف نداء مضمن معنى التنبيه.
قال الخليل :«و العامل في المنادى فعل مضمر كأنه يقول : أريد أو أدعو».
وقال أبو علي الفارسي : العامل حرف النداء عصب به معنى الفعل المضمر فقوي فعمل، ويدل على ذلك أنه ليس في حروف المعاني ما يلتئم بانفراده مع الأسماء غير حرف النداء، وبَنِي منادى مضاف وإِسْرائِيلَ هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وهو اسم أعجمي يقال فيه إسراءل وإسرائيل وإسرائيل، وتميم تقول إسرائين، وإسرا هو بالعبرانية عبد وإيل اسم اللّه تعالى فمعناه عبد اللّه.
وحكى المهدوي أن - إسرا - مأخوذ من الشدة في الأسر كأنه الذي شد اللّه أسره وقوى خلقته.
وروي عن نافع والحسن والزهري وابن أبي إسحاق ترك همز إسراييل، والذكر في كلام العرب على أنحاء، وهذا منها ذكر القلب الذي هو ضد النسيان، والنعمة هنا اسم الجنس فهي مفردة بمعنى الجمع، وتحركت الياء من نِعْمَتِيَ لأنها لقيت الألف واللام، ويجوز تسكينها، وإذا سكنت حذفت للالتقاء وفتحها أحسن لزيادة حرف في كتاب اللّه تعالى، وخصص بعض العلماء النعمة في هذه الآية.
فقال الطبري :«بعثة الرسل منهم وإنزال المن والسلوى، وإنقاذهم من تعذيب آل فرعون، وتفجير الحجر».
وقال غيره :«النعمة هنا أن دركهم مدة محمد صلى اللّه عليه وسلم».
وقال آخرون :«هي أن منحهم علم التوراة وجعلهم أهله وحملته».
قال القاضي أبو محمد رحمه اللّه : وهذه أقوال على جهة المثال، والعموم في اللفظة هو الحسن.
وحكى مكي : أن المخاطب من بني إسرائيل بهذا الخطاب هم المؤمنون بمحمد صلى اللّه عليه وسلم، لأن الكافر لا نعمة للّه عليه.
وقال ابن عباس وجمهور العلماء : بل الخطاب لجميع بني إسرائيل في مدة النبي عليه السلام، مؤمنهم وكافرهم، والضمير في عَلَيْكُمْ يراد به على آبائكم كما تقول العرب ألم نهزمكم يوم كذا لوقعة كانت بين الآباء والأجداد، ومن قال إنما خوطب المؤمنون بمحمد صلى اللّه عليه وسلم استقام الضمير في عَلَيْكُمْ ويجيء كل ما توالى من الأوامر على جهة الاستدامة.
وقوله تعالى : وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ أمر وجوابه.
فقال الخليل :«جزم الجواب في الأمر من معنى الشرط، والوفاء بالعهد هو التزام ما تضمن من فعل».


الصفحة التالية
Icon