المحرر الوجيز، ج ١، ص : ١٣٤
وقرأ الزهري :«أوفّ» بفتح الواو وشد الفاء للتكثير.
واختلف المتأولون في هذا العهد إليهم فقال الجمهور ذلك عام في جميع أوامره ونواهيه ووصاياه فيدخل في ذلك ذكر محمد صلى اللّه عليه وسلم في التوراة، وقيل العهد قوله تعالى : خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ [البقرة : ٦٣، ٩٣]، وقال ابن جريج : العهد قوله تعالى : وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ [المائدة : ١٢]، وعهدهم هو أن يدخلهم الجنة، ووفاؤهم بعهد اللّه أمارة لوفاء اللّه تعالى لهم بعهدهم، لا علة له، لأن العلة لا تتقدم المعلول.
وقوله تعالى : وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ الاسم ايا والياء ضمير ككاف المخاطب، وقيل إِيَّايَ بجملته هو الاسم، وهو منصوب بإضمار فعل مؤخر، تقديره : وإياي ارهبوا فارهبون، وامتنع أن يتقدر مقدما لأن الفعل إذا تقدم لم يحسن أن يتصل به إلا ضمير خفيف، فكان يجيء وارهبون، والرهبة يتضمن الأمر بها معنى التهديد وسقطت الياء بعد النون لأنها رأس آية.
وقرأ ابن أبي إسحاق بالياء، وَآمِنُوا معناه صدقوا، ومُصَدِّقاً نصب على الحال من الضمير في أَنْزَلْتُ، وقيل من «ما»، والعامل فيه آمِنُوا وما أنزلت كناية عن القرآن، ولِما مَعَكُمْ يعني من التوراة وقوله تعالى : وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ هذا من مفهوم الخطاب الذي : المذكور فيه والمسكوت عنه حكمهما واحد، فالأول والثاني وغيرهما داخل في النهي، ولكن حذروا البدار إلى الكفر به إذ على الأول كفل من فعل المقتدى به، ونصب أول على خبر كان.
قال سيبويه : أَوَّلَ أفعل لا فعل له لاعتلال فائه وعينه» قال غير سيبويه :«هو أوأل من وأل إذا نجا، خففت الهمزة وأبدلت واوا وأدغمت».
وقيل : إنه من آل فهو أأول قلب فجاء وزنه أعفل، وسهل وأبدل وأدغم، ووحد كافر وهو بنية الجمع لأن أفعل إذا أضيف إلى اسم متصرف من فعل جاز إفراد ذلك الاسم، والمراد به الجماعة.
قال الشاعر :[الكامل ]
وإذا هم طعموا فألأم طاعم وإذا هم جاعوا فشرّ جياع
وسيبويه يرى أنها نكرة مختصرة من معرفة كأنه قال ولا تكونوا أول كافرين به وقيل معناه : ولا تكونوا أول فريق كافر به.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي اللّه عنه : وقد كان كفر قبلهم كفار قريش، فإنما معناه من أهل الكتاب، إذ هم منظور إليهم في مثل هذا، لأنهم حجة مظنون بهم علم، واختلف في الضمير في بِهِ على من يعود، فقيل على محمد عليه السلام، وقيل على التوراة إذ تضمنها قوله : لِما مَعَكُمْ.
قال القاضي أبو محمد رحمه اللّه : وعلى هذا القول يجيء أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ مستقيما على ظاهره في الأولية، وقيل الضمير في بِهِ عائد على القرآن، إذ تضمنه قوله بِما أَنْزَلْتُ.
واختلف المتأولون في الثمن الذي نهوا أن يشتروه بالآيات، فقالت طائفة : إن الأحبار كانوا يعلمون


الصفحة التالية
Icon