المحرر الوجيز، ج ١، ص : ١٤
روى البخاري عن مسروق قال : ذكر عبد اللّه بن مسعود عن عبد اللّه بن عمرو - يعني : ابن العاص، فقال : لا أزال أحبه بعد ما سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول :«خذوا القرآن من أربعة : من عبد اللّه بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأبي بن كعب».
أبيّ بن كعب :
أحد المشهورين بحفظ القرآن، العالمين بقراءته، وأحد كتاب الوحي للرسول صلى اللّه عليه وسلم.
قال فيه عمر بن الخطاب :«أبيّ أقرؤنا». رواه البخاري.
قال له النبي صلى اللّه عليه وسلم : إن اللّه أمرني أن أقرأ عليك لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا....
قال : وسماني؟ قال «نعم» فبكى.
وفي رواية أخرى : قال صلى اللّه عليه وسلم :
إني أمرت أن أعرض عليك القرآن، فقال أبيّ : باللّه آمنت، وعلى يدك أسلمت، ومنك تعلمت، قال : فرد النبي صلى اللّه عليه وسلم القول، فقال : يا رسول اللّه : وذكرت هناك؟ قال : نعم، باسمك ونسبك في الملأ الأعلى، قال : فأقرأ إذن يا رسول اللّه.
وفرح أبيّ فرحة غامرة، صرح بها حين سئل : وفرحت بذلك؟ فأجابه : وما يمنعني وهو يقول : قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ.
وقال صلى اللّه عليه وسلم :«استقرئوا القرآن من أربعة : عبد اللّه بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب» «١».
يقول عبد اللّه بن عباس «٢» :
«كنت ألزم الأكابر من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من المهاجرين والأنصار، فأسألهم عن مغازي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما نزل من القرآن في ذلك، وكنت لا آتي أحدا إلا سرّ بإتياني لقربي من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فجعلت أسأل أبي بن كعب يوما عما نزل من القرآن بالمدينة فقال : نزل بها سبع وعشرون سورة، وسائرها بمكة».
زيد بن ثابت :
كان من كتاب الوحي، ذا بصيرة نافذة، وعقل واع، وبديهة حاضرة، ولذلك أمره صلى اللّه عليه وسلم أن يتعلم السريانية والعبرانية حتى لا يزيدوا في رسائله صلى اللّه عليه وسلم.
قال زيد : فتعلمت السريانية في خمسة عشر يوما - والعبرانية في خمسة عشر يوما «٣».
________
(١) طبقات القراء ٦/ ٦٢٩، عمدة القاري ٢/ ٢٤. باب القراء من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم.
(٢) طبقات ابن سعد ٢/ ٣٧١.
(٣) وقيل سبعة عشر يوما من خلاصة تاريخ التشريع. عبد الوهاب خلاف ٢٩٤.