المحرر الوجيز، ج ١، ص : ٦٨
واختلف القراء في قوله تعالى : ملك يوم الدين.
فقرأ عاصم والكسائي «مالك يوم الدين».
قال الفارسي :«و كذلك قرأها قتادة والأعمش».
قال مكي :«و روى الزهري أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قرأها كذلك بالألف، وكذلك قرأها أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وطلحة، والزبير، رضي اللّه عنهم».
وقرأ بقية السبعة «ملك يوم الدين»، وأبو عمرو منهم يسكن اللام فيقرأ «ملك يوم الدين». هذه رواية عبد الوارث عنه.
وروي عن نافع إشباع الكسرة من الكاف في ملك فيقرأ «ملكي» وهي لغة للعرب ذكرها المهدوي.
وقرأ أبو حيوة «ملك» بفتح الكاف وكسر اللام.
وقرأ ابن السميفع، وعمر بن عبد العزيز، والأعمش، وأبو صالح السمان، وأبو عبد الملك الشامي «مالك» بفتح الكاف. وهذان على النداء ليكون ذلك توطئة لقوله إِيَّاكَ.
ورد الطبري على هذا وقال :«إن معنى السورة : قولوا الحمد للّه، وعلى ذلك يجيء إِيَّاكَ واهْدِنَا.
وذكر أيضا أن من فصيح كلام العرب الخروج من الغيبة إلى الخطاب، وبالعكس، كقول أبي كبير الهذلي :[الكامل ].
يا ويح نفسي كان جلدة خالد وبياض وجهك للتراب الأعفر
وكما قال لبيد :[البسيط].
قامت تشكّى إليّ النفس مجهشة وقد حملتك سبعا بعد سبعينا
وكقول اللّه تعالى : حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ [يونس : ٢٢].
وقرأ يحيى بن يعمر والحسن بن أبي الحسن، وعلي بن أبي طالب «ملك يوم الدين» على أنه فعل ماض.
وقرأ أبو هريرة «مليك» بالياء وكسر الكاف.
قال أبو علي : ولم يمل أحد من القراء ألف «مالك»، وذلك جائز، إلا أنه لا يقرأ بما يجوز، إلا أن يأتي بذلك أثر مستفيض، و«الملك» و«الملك» بضم الميم وكسرها وما تصرف منهما راجع كله إلى ملك بمعنى شد وضبط، ثم يختص كل تصريف من اللفظة بنوع من المعنى، يدلك على الأصل في ملك قول الشاعر قيس بن الخطيم :[الطويل ] :
ملكت بها كفّي فأنهرت فتقها