المحرر الوجيز، ج ٢، ص : ٣٩١
ومن قال ثياب الجنة، وقال مجاهد هي استعارة وإنما أراد لبسة التقى المنزلة.
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف، وقوله : إِنَّهُ يَراكُمْ الآية، زيادة في التحذير وإعلام أن اللّه عز وجل قد مكن الشيطان من ابن آدم في هذا القدر وبحسب ذلك يجب أن يكون التحذر بطاعة اللّه تعالى.
قال القاضي أبو محمد : والشيطان موجود قد قررته الشريعة وهو جسم، وَقَبِيلُهُ يريد نوعه وصنفه وذريته.
وحَيْثُ مبنية على الضم، ومن العرب من يبنيها على الفتح، وذلك لأنها تدل على موضع بعينه، قال الزجاج : ما بعدها صلة لها وليست بمضافة إليه، قال أبو علي : هذا غير مستقيم وليست حَيْثُ بموصولة إذ ليس ثم عائد كما في الموصولات، وهي مضافة إلى ما بعدها.
ثم أخبر عز وجل أنه صير «الشياطين أولياء» أي صحابة ومداخلين إلى الكفرة الذين لا إيمان لهم، وذكر الزهراوي أن جعل هنا بمعنى وصف.
قال القاضي أبو محمد : وهي نزعة اعتزالية.
وقوله وَإِذا فَعَلُوا وما بعده داخل في صفة الذين لا يؤمنون ليقع التوبيخ بصفة قوم جعلوا مثالا للموبخين إذا شبه فعلهم فعل الممثل بهم، ويصح أن تكون هذه الآية مقطوعة من التي قبلها ابتداء إخبار عن كفار العرب، و«الفاحشة» في هذه الآية وإن كان اللفظ عاما هي كشف العورة عند الطواف فقد روي عن الزهري أنه قال : إن في ذلك نزلت هذه الآية، وقاله ابن عباس ومجاهد، وكان قول بعض الكفار إن اللّه أمر بهذه السنن التي لنا وشرعها، فرد اللّه عليهم بقوله قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ ثم وبخهم على كذبهم ووقفهم على قولهم ما لا علم لهم به ولا رواية لهم فيه بل هو دعوى واختلاق.
قوله عز وجل :
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٢٩ الى ٣٠]
قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٠)
تضمن قوله قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ أقسطوا ولذلك عطف عليه قوله وَأَقِيمُوا حملا على المعنى، و«القسط» العدل والحق، واختلف المتأولون في قوله وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ فقيل أراد إلى الكعبة قاله مجاهد والسدي والمقصد على هذا شرع القبلة والأمر بالتزامها، وقيل أراد الأمر بإحضار النية للّه في كل صلاة والقصد نحوه كما تقول وجهت وجهي للّه قاله الربيع.
قال القاضي أبو محمد : فلا يؤخذ الوجه على أنه الجارحة بل هو المقصد والمنزع، وقيل : المراد بهذا اللفظ إباحة الصلاة في كل موضع من الأرض، أي حيث ما كنتم فهو مسجد لكم تلزمكم عند الصلاة