المحرر الوجيز، ج ٢، ص : ٥٣٠
قال اللّه تعالى : يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [البقرة : ٢١٥].
وللإمام بإجماع أن ينفق في غير هذه الأصناف إذا رأى ذلك، وقالت فرقة : كان الخميس يقسم على ستة أقسام، قسم للّه وهو مردود على فقراء المسلمين أو على بيت اللّه، وقسم للنبي صلى اللّه عليه وسلم، وقسم لقرابته، وقسم لسائر من سمي، حكى القول منذر بن سعيد ورد عليه، قال أبو العالية الرياحي : كان النبي صلى اللّه عليه وسلم، يقبض من خمس الغنيمة قبضة فيجعلها للكعبة فذلك للّه، ثم يقسم الباقي على خمسة، قسم له وقسم لسائر من سمي، وقال الحسن بن محمد وابن عباس وإبراهيم النخعي وقتادة والشافعي : قوله فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ استفتاح كلام كما يقول الرجل لعبده قد أعتقك اللّه وأعتقتك على جهة التبرك وتفخيم الأمر، والدنيا كلها للّه، وقسم اللّه وقسم الرسول واحد، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يقسم الخمس على خمسة أقسام كما تقدم، وقال ابن عباس أيضا فيما روى عنه الطبري، الخمس مقسوم على أربعة أقسام، وسهم الرسول صلى اللّه عليه وسلم، لقرابته وليس للّه ولا للرسول شيء، وقالت فرقة : قسم الرسول صلى اللّه عليه وسلم، بعد موته مردود على أهل الخمس القرابة وغيرها، وقالت فرقة : هو مردود على الجيش أصحاب الأربعة الأخماس، وقال علي بن أبي طالب : يلي الإمام منهم سهم اللّه ورسوله، وقالت فرقة : هو موقوف لشراء العدد وللكراء في سبيل اللّه، وقال إبراهيم النخعي وهو الذي اختاره أبو بكر وعمر فيه، وقال أصحاب الرأي : الخمس بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم، مقسوم ثلاثة أقسام، قسم لليتامى، وقسم للمساكين وقسم لابن السبيل، ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يورث، فسقط سهمه وسهم ذوي القربى، وحجتهم فيه منع أبي بكر وعمر وعثمان لذوي القربى.
قال القاضي أبو محمد : ولم يثبت المنع بل عورض بنو هاشم بأن قريشا قربى، وقيل لم يكن في مدة أبي بكر مغنم، وقال الشافعي : يعطى أهل الخمس منه ولا بد ويفضل الإمام أهل الحاجة ولكن لا يحرم صنفا منهم حرمانا تاما، وقول مالك رحمه اللّه : إن للإمام أن يعطي الأحوج وإن حرم الغير.
قال القاضي أبو محمد : وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مخصوصا من الغنيمة بثلاثة أشياء كان له خمس الخمس، وكان له سهم في سائر الأربعة الأخماس، وكان له صفيّ يأخذه قبل القسمة، دابة أو سيف، أو جارية ولا صفيّ لأحد بعده بإجماع إلا ما قال أبو ثور من أن الصفيّ باق للإمام، وهو قول معدود في شواذ الأقوال، وذوو القربى قرابة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال علي بن الحسين وعبد اللّه بن الحسن وعبد اللّه بن عباس : هم بنو هاشم فقط، فقال مجاهد : كان آل محمد صلى اللّه عليه وسلم لا تحل لهم الصدقة فجعل لهم خمس الخمس، قال ابن عباس : ولكن أبى ذلك علينا قومنا، وقالوا قريش كلها قربى، وقال الشافعي : هم بنو هاشم وبنو المطلب فقط، وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعثمان بن عفان وجبير بن مطعم في وقت قسمة سهم ذوي القربى من خيبر على بني هاشم وبني المطلب «إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد ما فارقونا في جاهلية ولا في الإسلام».
قال القاضي أبو محمد : كانوا مع بني هاشم في الشعب وقالت فرقة : قريش كلها قربى، وروي عن