المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ٤٠١
هاتين القراءتين، فيتمنون يومئذ الإيمان وطاعة اللّه ورسوله حين لا ينفعهم التمني، ثم لاذوا بالتشكي من كبرائهم في أنهم أضلوهم، وقرأ جمهور الناس «سادتنا» وهو جمع سيد، وقرأ الحسن بن أبي الحسن وابن عامر وحده من السبعة وأبو عبد الرحمن وقتادة وأبو رجاء والعامة في المسجد الجامع بالبصرة «ساداتنا» على جمع الجمع، والسَّبِيلَا مفعول ثان لأن «أضل» معدى بالهمزة، وضل يتعدى إلى مفعول واحد فيما هو مقيم كالطريق والمسجد وهي سبيل الإيمان والهدى، ثم دعوا بأن يضاعف العذاب للكبراء المضلين أي عن أنفسهم وعمن أضلوا، وقرأ عاصم وابن عامر وحذيفة بن اليمان والأعرج بخلاف عنه «لعنا كبيرا بالباء من الكبر، وقرأ الجمهور والباقون «لعنا كثيرا» بالثاء ذات الثلاث والكثرة أشبه بمعنى اللعنة من الكبر أي العنهم مرات كثيرة.
قوله عز وجل :
[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٦٩ الى ٧١]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً (٦٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُم
اوا آية عظيمة دلتهم على صدق موسى ولم يكن فيه أثر، وروي أنه حيي فأخبرهم بأمره وببراءة موسى، وقال ابن عباس وأبو هريرة وجماعة هي ما تضمنه حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم، وذلك أنه كان بنو إسرائيل يغتسلون عراة وكان موسى عليه السلام يتستر كثيرا ويخفي بدنه فقال قوم هود آدر أو أبرص أو به آفة فاغتسل موسى يوما وحده وجعل ثيابه على حجر ففر الحجر بثيابه واتبعه موسى يقول ثوبي حجر ثوبي حجر، فمر في أتباعه على ملأ من بني إسرائيل، فرواه سليمان مما ظن به، الحديث بطوله خرجه البخاري فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا و«الوجيه» المكرم الوجه، وقرأ الجمهور «و كان عند اللّه»، وقرأ ابن مسعود «و كان عبد اللّه»، ثم وصى عز وجل المؤمنين بالقول السداد، وذلك يعم جميع الخيرات، وقال عكرمة : أراد لا إله إلّا اللّه، و«السداد» يعم جميع هذا وإن كان ظاهر الآية يعطي أنه إنما أشار إلى ما يكون خلافا للأذى الذي قيل في جهة الرسول وجهة المؤمنين، ثم وعد تعالى بأنه يجازي على القول السديد بإصلاح الأعمال وغفران الذنوب، وباقي الآية بين.
قوله عز وجل :


الصفحة التالية
Icon