المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ٤٥٣
قوله عز وجل :
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٣٣ الى ٣٦]
وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٣٥) سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (٣٦)
وَآيَةٌ معناه علامة على الحشر وبعث الأجساد، والضمير في لَهُمُ يراد به كفار قريش، وقرأ نافع وشيبة وأبو جعفر، «الميّتة» بكسر الياء وشدها، وقرأ أبو عمرو وعاصم «الميتة» بسكون الياء، وإحياؤها بالمطر، وقرأ جمهور الناس «من ثمره» بفتح الثاء والميم، وقرأ طلحة وابن وثاب وحمزة والكسائي «من ثمرة» بضمهما، وقرأ الأعمش «من ثمره» بضم الثاء وسكون الميم، والضمير في ثَمَرِهِ قالت فرقة هو عائد على الماء الذي يتضمنه قوله وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ لأن التقدير ماء، وقالت فرقة هو عائد على جميع ما تقدم مجملا، كأنه قال : من ثمر ما ذكرنا، وقال أبو عبيدة : هو من باب أن يذكر الإنسان شيئين أو ثلاثة ثم يعيد الضمير على واحد ويكني عنه، كما قال الشاعر، وهو الأزرق بن طرفة بن العمرد القارضي الباهلي :[الطويل ]
رماني بذنب كنت منه ووالدي بريئا ومن أجل الطويّ رماني
قال القاضي أبو محمد : وهذا وجه في الآية ضعيف، وما في قوله تعالى : وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ قال الطبري : هي اسم معطوف على الثمر أي يقع الأكل من الثمر ومما عملته الأيدي بالغرس والزراعة ونحوه، وقالت فرقة : هي مصدرية وقيل هي نافية، والتقدير أنهم يأكلون من ثمره وهي شيء لم تعمله أيديهم بل هي نعمة من اللّه عليهم، وقرأ جمهور الناس «عملته» بالهاء الضمير، وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر وطلحة وعيسى «عملت» بغير ضمير، ثم نزه نفسه تعالى تنزيها مطلقا في كل ما يلحد به ملحد أو يشرك مشرك، والْأَزْواجَ الأنواع من جميع الأشياء، وقوله تعالى : وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ نظير قوله وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ [النمل : ٨].
قوله عز وجل :
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٣٧ الى ٤٠]
وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠)
هذه الآيات جعلها اللّه عز وجل أدلة على القدرة ووجوب الألوهية له، ونَسْلَخُ معناه نكشط


الصفحة التالية
Icon