المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ٤٩١

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

سورة ص
هذه السورة مكية بإجماع من المفسرين.
قوله عز وجل :
[سورة ص (٣٨) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (٢) كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ (٣) وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٤)
أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (٥)
قرأ الحسن وأبي بن كعب وابن أبي إسحاق :«صاد» بكسر الدال على أنه أمر من صادى يصادي إذا ضاهى وماثل، أي صار كالصدى الذي يحكي الصياح، والمعنى : ماثل القرآن بعلمك وقارنه بطاعتك، وهكذا فسر الحسن، أي انظر أين عملك منه، وقال جمهور الناس : إنه حرف المعجم المعروف، ويدخله ما يدخل سائر أوائل السور من الأقوال، ويختص هذا الموضع بأن قال بعض الناس : معناه صدق محمد.
وقال الضحاك معناه : صدق اللّه، وقال محمد بن كعب القرظي : هو مفتاح أسماء اللّه : صمد صادق الوعد، صانع المصنوعات، وقرأها الجمهور :«صاد» بسكون الدال، وقرأ ابن أبي إسحاق بخلاف عنه «صاد» بكسر الدال وتنوينها على القسم، كما تقول : اللّه لأفعلن. وحكى الطبري وغيره عن ابن أبي إسحاق :
«صاد» بدون تنوين، وألحقه بقول العرب : خاث باث، وخار وباز. وقرأ فرقة منها عيسى بن عمر :«صاد» بفتح الدال، وكذلك يفعل في نطقه بكل الحروف، يقول : قاف، ونون، ويجعلها كأين وليت. قال الثعلبي، وقيل معناه : صاد محمد القلوب، بأن استمالها للإيمان.
وقوله : وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ قسم. وقال السدي وابن عباس وسعيد بن جبير، معناه ذي الشرف الباقي المخلد. وقال قتادة والضحاك : ذي التذكرة للناس والهداية لهم. وقالت فرقة معناه : ذي الذكر للأمم والقصص والغيوب. وأما جواب القسم فاختلف فيه، فقالت فرقة : الجواب في قوله : ص إذ هو بمعنى صدق محمد، أو صدق اللّه. وقال الكوفيون والزجاج، الجواب قوله : إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ [ص : ٦٤]. وقال بعض البصريين ومنهم الأخفش، الجواب في قوله : إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ [ص : ١٤].
قال القاضي أبو محمد : وهذان القولان بعيدان.


الصفحة التالية
Icon