المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ٥١٠
وقرأ حمزة والكسائي :«و الليسع»، كأنه أدخل لام التعريف على الْيَسَعَ، فأجراه مجرى ضيغم ونحوه، وهي قراءة علي بن أبي طالب والكوفيين. وقرأ الباقون :«و اليسع»، قال أبو علي : الألف واللام فيه زائدتان غير معرفتين كما هي في قول الشاعر :[الكامل ]
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا ولقد نهيتك عن بنات الأوبر
وبنات الأوبر : ضرب من الكمأة. واختلف في نبوة «ذي الكفل»، وقد تقدم تفسير أمره وقوله تعالى :
هذا ذِكْرٌ يحتمل معنيين : أحدهما أن يشير إلى مدح من ذكر وإبقاء الشرف له، فيتأيد بهذا التأويل قول من قال آنفا : إن الدَّارِ يراد بها الدار الدنيا. والثاني : أن يشير بهذا إلى القرآن، إذ هو ذكر للعالم.
و«المآب» : المرجع حيث يؤوبون. وجَنَّاتِ بدل من «حسن» ومُفَتَّحَةً نعت للجنات.
والْأَبْوابُ مفعول لم يسم فاعله، والتقدير عند الكوفيين : مفتحة لهم أبوابها، ولا يجوز ذلك عند أهل البصرة، والتقدير عندهم : الأبواب منها، وإنما دعا إلى هذا الضمير أن الصفة لا بد أن يكون فيها عائدا على الموصوف. وقاصِراتُ الطَّرْفِ قال قتادة معناه : على أزواجهن. وأَتْرابٌ معناه أمثال، وأصله في بني آدم أن تكون الأسنان واحدة، أي مست أجسادهم التراب في وقت واحد.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو :«يوعدون» بالياء من تحت، واختلفا في سورة :(ق)، فقرأها أبو عمرو بالتاء من فوق. وقرأ الباقون في السورتين بالتاء من فوق. والنفاذ : الفناء والانقضاء.
قوله عز وجل :
[سورة ص (٣٨) : الآيات ٥٥ الى ٦١]
هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (٥٥) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ (٥٦) هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (٥٧) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ (٥٨) هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ (٥٩)
قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ (٦٠) قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ (٦١)
التقدير : الأمر هذا، ويحتمل أن يكون التقدير : هذا واقع ونحوه. والطاغي : المفرط في الشر، مأخوذ من طغا يطغى، والطغيان هنا في الكفر. و«المآب» : المرجع، وجَهَنَّمَ بدل من قولهم :
لَشَرَّ. ويَصْلَوْنَها معناه : يباشرون حرها. والْمِهادُ ما يفترشه الإنسان ويتصرف فيه.
وقوله : هذا فَلْيَذُوقُوهُ يحتمل أن يكون هذا ابتداء، والخبر حَمِيمٌ ويحتمل أن يكون التقدير : الأمر هذا فليذوقوه، ويحتمل أن يكون في موضع نصب بفعل يدل عليه فَلْيَذُوقُوهُ وحَمِيمٌ على هذا خبر ابتداء مضمر. قال ابن زيد : الحميم، دموعهم تجتمع في حياض فيسقونها وقرأ جمهور الناس :«و غساق» بتخفيف السين، وهو اسم بمعنى السائل، يروى عن قتادة أنه ما يسيل من صديد أهل النار. ويروى عن السدي أنه ما يسيل من عيونهم. ويروى عن كعب الأحبار أنه ما يسيل من حمة عقارب النار، وهي يقال مجتمعة عندهم. وقال الضحاك : هو أشد الأشياء بردا. وقال عبد اللّه بن


الصفحة التالية
Icon