المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ٥٤١
قال القاضي أبو محمد : فرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تمثل بالآية، وقد كانت نزلت. وقوله في الحديث : تصديقا له، أي في أنه لم يقل إلا ما رأى في كتب اليهود، ولكن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنكر المعنى، لأن التجسيم فيه ظاهر واليهود معروفون باعتقاده، ولا يحسنون حمله على تأويله من أن الأصبع عبارة عن القدرة، أو من أنها أصبع خلق يخلق لذلك، ويعضدها تنكير الأصبع.
وروى سعيد بن المسيب أن سبب نزول الآية أن طائفة من اليهود جاءت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا يا محمد، هذا اللّه خلق الأشياء، فمن خلق اللّه؟ فغضب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وساورهم، ونزلت الآية في ذلك.
وقرأ جمهور الناس :«قدره» بسكون الدال. وقرأ الأعمش : بفتح الدال. وقرأ أبو حيوة والحسن وعيسى بن عمر وأبو نوفل :«و ما قدّروا» بشد الدال «حق قدره» بفتح الدال.
وقوله تعالى : وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ معناه : في قبضته. وقال ابن عمر ما معناه : أن الأرض في قبضة اليد الواحدة، وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ باليمين الأخرى، لأنه كلتا يديه يمين، ورواه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم. وقال ابن عباس : الأرض جميعا قبضته، والسماوات وكل ذلك بيمينه.
وقرأ عيسى بن عمر :«مطويات» بكسر التاء المنونة، والناس على رفعها.
وعلى كل وجه، ف «اليمين» هنا و«القبضة» وكل ما ورد : عبارة عن القدرة والقوة، وما اختلج في الصدور من غير ذلك باطل، وما ذهب إليه القاضي من أنها صفات زائدة على صفات الذات قول ضعيف، وبحسب ما يختلج في النفوس التي لم يحضنها العلم.
قال عز وجل : سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ. أي هو منزه عن جميع الشبه التي لا تليق به. ثم ذكر تعالى النفخ في الصور ليصعق الأحياء من أهل الدنيا والسماء، وفي بعض الأحاديث من طريق أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أن قبل هذه الصعقة الفزع ولم تتضمنها هذه الآية. و: «صعق» في هذه الآية معناه : خر ميتا. و: الصُّورِ القرن، ولا يتصور هنا غير هذا، ومن يقول الصُّورِ جمع صورة، فإنما يتوجه قوله في نفخة البعث.
وقرأ قتادة :«في الصور» بفتح الواو، وهي جمع صورة.
وقوله : إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ قال السدي : استثنى جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، ثم أماتهم بعد هذه الحال، وروي ذلك عن أنس بن مالك عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وقال : استثنى الأنبياء : وقال ابن جبير : استثنى الشهداء.
وقوله : ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى هي نفخة البعث. وروي أن بين النفختين أربعين، لا يدري أبو هريرة سنة أو يوما أو شهرا أو ساعة. وباقي الآية بين.
قوله عز وجل :