المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٢٢٨ على الآخر. وقال قتادة أيضا والحسن : لا يَبْغِيانِ على الناس والعمران. وهذان القولان على أن اللفظة من البغي. وقال بعض المتأولين هي من قولك : بغي إذا طلب، فمعناه : لا يَبْغِيانِ حالا غير حالهما التي خلقا وسخرا لها. وقال ابن عباس وقتادة والضحاك : اللُّؤْلُؤُ : كبار الجوهر وَالْمَرْجانُ : صغاره.
وقال ابن عباس أيضا ومرة الهمداني عكس هذا، والوصف بالصغر وهو الصواب في اللُّؤْلُؤُ. وقال ابن مسعود وغيره الْمَرْجانُ : حجر أحمر، وهذا هو الصواب في الْمَرْجانُ. واللُّؤْلُؤُ : بناء غريب لا يحفظ منه في كلام العرب أكثر من خمسة : اللؤلؤ والجؤجؤ والدؤدؤ واليؤيؤ وهو طائر، والبؤبؤ وهو الأصل.
واختلف الناس في قوله : مِنْهُمَا فقال أبو الحسن الأخفش في كتابه الحجة، وزعم قوم أنه قد ينفرج اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ من الملح ومن العذب.
قال القاضي أبو محمد : ورد الناس على هذا القول، لأن الحس يخالفه ولا يخرج ذلك إلا من الملح وقد رد الناس على الشاعر في قوله :[الطويل ]
فجاء بها ما شيت من لطمية على وجهها ماء الفرات يموج
وقال جمهور من المتأولين : إنما يخرج ذلك من الأجاج في المواضع التي تقع فيها الأنهار والمياه العذبة، فلذلك قال : مِنْهُمَا وهذا مشهور عند الغواصين. وقال ابن عباس وعكرمة : إنما تتكون هذه الأشياء في البحر بنزول المطر، لأن الصدف وغيرها تفتح أجوافها للمطر، فلذلك قال : مِنْهُمَا وقال أبو عبيدة ما معناه : إن خروج هذه الأشياء إنما هي من الملح، لكنه قال : مِنْهُمَا تجوزا كما قال الشاعر [عبد اللّه بن الزبعرى ] :[مجزوء الكامل مرفّل ] متقلدا سيفا ورمحا وكما قال الآخر :
علفتها تبنا وماء باردا.
فمن حيث هما نوع واحد، فخروج هذه الأشياء إنما هي منهما وإن كانت تختص عند التفصيل المبالغ بأحدهما، وهذا كما قال تعالى : سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ [نوح : ١٥ - ١٦]، وإنما هو في إحداهن وهي الدنيا إلى الأرض. قال الرماني : العذب فيهما كاللقاح للملح فهو كما يقال :
الولد يخرج من الذكر والأنثى.
وقرأ نافع وأبو عمرو وأهل المدينة :«يخرج» بضم الياء وفتح الراء. «اللؤلؤ» رفعا. وقرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي :«يخرج» بفتح الياء وضم الراء على بناء الفعل للفاعل، وهي قراءة الحسن وأبي جعفر. وقرأ أبو عمرو في رواية حسين الجعفي عنه :«يخرج» بضم الياء وكسر الراء على إسناده إلى اللّه تعالى، أي بتمكينه وقدرته، «اللؤلؤ» نصبا، ورواها أيضا عنه بالنون مضمومة وكسر الراء.
و: الْجَوارِ جمع جارية، وهي السفن. وقرأ الحسن والنخعي بإثبات الياء. وقرأ الجمهور وأبو جعفر وشيبة بحذفها.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والكسائي :«المنشآت» بفتح الشين أي أنشأها اللّه والناس.