المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٣٢٩
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
سورة التّحريموهي مدنية بإجماع من أهل العلم بلا خلاف.
قوله عز وجل :
[سورة التحريم (٦٦) : الآيات ١ الى ٣]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٢) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣)روي في الحديث عن زيد بن أسلم والشعبي وغيرهما ما معناه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما أهدى المقوقس مارية القبطية اتخذها سرية، فلما كان في بعض الأيام وهو يوم حفصة بنت عمر، وقيل بل كان في يوم عائشة، جاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى بيت حفصة فوجدها قد مرت إلى زيارة أبيها، فبعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في جاريته فقال معها، فجاءت حفصة فوجدتهما فأقامت خارج البيت حتى أخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مارية وذهبت، فدخلت حفصة غيرى متغيرة اللون فقالت : يا رسول اللّه أما كان في نسائك أهون عليك مني؟ أفي بيتي وعلى فراشي؟ فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مترضيا لها : أيرضيك أن أحرمها قالت : نعم، فقال : إني قد حرمتها. قال ابن عباس، وقال مع ذلك واللّه لا أطؤها أبدا، ثم قال لها : لا تخبري بهذا أحدا، فمن قال إن ذلك كان في يوم عائشة، قال استكتمها خوفا من غضب عائشة وحسن عشرتها، ومن قال : كان في يوم حفصة، قال استكتمتها لنفس الأمر، ثم إن حفصة رضي اللّه عنها قرعت الجدار الذي بينها وبين عائشة، وأخبرتها لتسرها بالأمر، ولم ترض إفشاءه إليها حرجا واستكتمتها، فأوحى اللّه بذلك إلى نبيه، ونزلت الآية. وروي عن عكرمة أن هذا نزل بسبب شريك التي وهبت نفسها للنبي صلى اللّه عليه وسلم، وذكر النقاش نحوه عن ابن عباس، وروى عبد بن عمير عن عائشة أن هذا التحريم المذكور في الآية، إنما هو بسبب شراب العسل الذي شربه صلى اللّه عليه وسلم عند زينب بنت جحش، فتمالأت عائشة وحفصة وسودة على أن تقول له : من دنا منها، أكلت مغافير، والمغافير صمغ العرفط، وهو حلو ثقيل الريح، ففعلن ذلك، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :«و لكني شربت عسلا»، فقلن : جرست نحله العرفط، فقال