المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٣٧٧
روى محمد بن كعب والربيع وابن زيد، أن نوحا عليه السلام لم يدع بهذه الدعوة إلا بعد أخرج اللّه تعالى كل مؤمن من أصلابهم وأعقم أرحام النساء قبل العذاب بسبعين سنة، قال قتادة : وبعد أن أوحى اللّه تعالى إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن. وقد كان قبل ذلك طامعا حدبا عليهم. وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم «أنه ربما ضربه ناس منهم أحيانا حتى يغشى عليه، فإذا أفاق قال : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون». ودَيَّاراً أصله ديوارا وهو فيعال من الدوران أي من يجيء ويذهب يقال منه دوار وزنه فيعال أصله ديوار، وهذا كالقوام والقيام. وقرأ جمهور الناس :«و لوالدي» وقرأ أبي بن كعب «و لأبوي»، وقرأ سعيد بن جبير «و لوالدي» بكسر الدال يخص أباه بالدعوة. وقال ابن عباس : لم يكفر بنوح ما بينه وبين آدم عليه السلام، وقرأ يحيى بن يعمر والجحدري :«و لولديّ» بفتح اللام وشد الياء المفتوحة وهي قراءة النخعي يخص بالدعاء ابنيه، وبيته : المسجد فيما قال ابن عباس وجمهور المفسرين. وقال ابن عباس أيضا : بيته : شريعته ودينه استعار لها بيتا كما يقال : قبة الإسلام، وفسطاط الدين.
وقيل أراد سفينته، وقيل داره. وقوله : لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ تعميم بالدعاء لمؤمني كل أمة، وقال بعض العلماء : إن الذي استجاب لنوح عليه السلام فأغرق بدعوته أهل الأرض الكفار لجدير أن يستجيب له فيرحم بدعوته المؤمنين. و: «التبار» الهلاك وذهاب الرسم، وقرأ حفص عن عاصم وهشام وأبو قرة عن نافع :«بيتي» بتحريك الياء، وقرأ الباقون بسكونها.


الصفحة التالية
Icon