المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٤٢٩
ب «الروح»، وقال ابن زيد : كان أبي يقول هو القرآن، وقد قال اللّه تعالى : أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا [الشورى : ٥٢] أي من أمرنا.
قال القاضي أبو محمد : فالقيام فيه مستعار يراد ظهوره ومثول آثاره، والأشياء الكائنة عن تصديقه أو تكذيبه ومع هذا ففي القول قلق، وقال مجاهد : الرُّوحُ خلق على صورة بني آدم يأكلون ويشربون، وقال ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم :«الروح خلق غير الملائكة لهم حفظة للملائكة كما الملائكة حفظة لنا»، وقال ابن عباس والحسن وقتادة : الرُّوحُ هنا اسم جنس : يراد به أرواح بني آدم والمعنى يوم تقوم الروح في أجسادها إثر البعث والنشأة الآخرة، ويكون الجميع من الإنس والملائكة صَفًّا ولا يتكلم أحد هيبة وفزعا إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ من ملك أو نبي وكان أهلا أن يقول صَواباً في ذلك الموطن، وقال ابن عباس : الضمير في يَتَكَلَّمُونَ عائد على الناس خاصة و«الصواب» المشار إليه لا إله إلا اللّه، قال عكرمة أي قالها في الدنيا. وقوله تعالى : ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ أي الحق كونه ووجوده، وفي قوله : فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مكانا وعد ووعيد وتحريض، و«المآب» :
المرجع وموضع الأوبة، والضمير الذي هو الكاف والميم في نْذَرْناكُمْ
هو لجميع العالم وإن كانت المخاطبة لمن حضر النبي صلى اللّه عليه وسلم من الكفار، و«العذاب القريب» : عذاب الآخرة، ووصفه بالقرب لتحقق وقوعه وأنه آت وكل آت قريب والجميع داخل في النذارة منه، ونظر المرء إلى ا قَدَّمَتْ يَداهُ
من عمل قيام الحجة عليه، وقال ابن عباسْ مَرْءُ
هنا المؤمن، وقرأ ابن أبي إسحق :«المرء» بضم الميم وضعفها أبو حاتم، وقوله تعالى : يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً
قيل إن هذا تمنّ أن يكون شيئا حقيرا لا يحاسب ولا يلتفت إليه، وهذا قد نجده في الخائفين من المؤمنين فقد قال عمر بن الخطاب :
ليتني كنت بعرة، وقال أبو هريرة وعبد اللّه بن عمر : إن اللّه تعالى يحضر البهائم يوم القيامة فيقتص لبعضها من بعض ثم يقول لها من بعد ذلك : كوني ترابا، فيعود جميعها ترابا، فإذا رأى الكافر ذلك تمنى مثله، قال أبو القاسم بن حبيب : رأيت في بعض التفاسير أنْ كافِرُ
هنا إبليس إذا رأى ما حصل للمؤمنين من بني آدم من الثواب قال : ا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً
، أي كآدم الذي خلق من تراب واحتقره هو أولا.
نجز تفسير سورة النَّبَإِ والحمد للّه حق حمده.