المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٤٣٠

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

سورة النّازعات
وهي مكية بإجماع من المتأولين.
قوله عز وجل :
[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ١ الى ١١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١) وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (٢) وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (٣) فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (٤)
فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (٥) يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (٧) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ (٨) أَبْصارُها خاشِعَةٌ (٩)
يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ (١٠) أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً (١١)
قال ابن مسعود وابن عباس : النَّازِعاتِ، الملائكة تنزع نفوس بني آدم، وغَرْقاً على هذا القول إما أن يكون مصدر بمعنى الإغراق والمبالغة في الفعل، وإما أن يكون كما قال علي وابن عباس :
تغرق نفوس الكفرة في نار جهنم، وقال السدي وجماعة : النَّازِعاتِ : النفوس تنزع بالموت إلى ربها، وغَرْقاً هنا بمعنى الإغراق أي تغرق في الصدر، وقال عطاء فيما روي عنه : النَّازِعاتِ، الجماعات النازعات بالقسي، وغَرْقاً بمعنى الإغراق، وقال الحسن وقتادة وأبو عبيدة وابن كيسان والأخفش :
النَّازِعاتِ : النجوم لأنها تنزع من أفق إلى أفق، وقال قتادة : النَّازِعاتِ، النفوس التي تحن إلى أوطانها وتنزع إلى مذاهبها ولها نزاع عند الموت، وقال مجاهد : النَّازِعاتِ المنايا لأنها تنزع نفوس الحيوان، وقال عطاء وعكرمة : النَّازِعاتِ القسي أنفسها لأنها تنزع بالسهام. واختلف المتأولون في النَّاشِطاتِ، فقال ابن عباس ومجاهد : هي الملائكة لأنها تنشط النفوس عند الموت، أي تحلها كحل العقال وتنشط بأمر اللّه أي حيث كان، وقال مجاهد : النَّاشِطاتِ : المنايا، وقال ابن عباس أيضا وقتادة والأخفش والحسن : النَّاشِطاتِ النجوم لأنها تنشط من أفق إلى أفق، أي تذهب وتسير بسرعة، ومن ذلك قيل البقر الوحش النواشط لأنهن يذهبن بسرعة من موضع إلى آخر، وقال عطاء : النَّاشِطاتِ في الآية : البقرة الوحشية وما جرى مجراها من الحيوان الذي ينشط من قطر إلى قطر، ومن هذا المعنى قول الشاعر [همان بن قحافة] :[الرجز]
أرى همومي تنشط المناشطا الشام بي طورا وطورا واسطا
وكأن هذه اللفظة في هذا التأويل مأخوذة من النشاط، وقال عطاء أيضا وعكرمة : النَّاشِطاتِ الأوهان. ويقال : نشطت البعير والإنسان إذا ربطته ونشطته : إذا حللته، وحكاه الفراء وخولف فيه ومنه


الصفحة التالية
Icon