المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٥٣٧
الذي سألوه، وقال ابن عباس : تفكروا في كل شيء ولا تتفكروا في ذات اللّه تعالى.
قال القاضي أبو محمد : لأن الأفهام تقف دون ذلك حسيرة، والمؤمنون يعرفون اللّه تعالى بواجب وجوده وافتقار كل شيء إليه واستغنائه عن كل شيء وينفي العقل عنه كل ما لا يليق به تبارك وتعالى، وأن ليس كمثله شيء، وكل ما ذكرته فهو في ضمن هذه السورة الوجيزة البليغة، وقوله تعالى : وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ معناه : ليس له ضد ولا ند ولا شبيه، والكفأ والكفؤ والكفاء النظير، وقرأ :«كفؤا» بضم الكاف وهمز مسهل نافع والأعرج وأبو جعفر وشيبة، وقرأ بالهمز عاصم وأبو عمرو بخلاف عنه، وقرأ حمزة :«كفوا» بالهمز وإسكان الفاء وروي عن نافع «كفا» بفتح الفاء وبغير همز. وقرأ سليمان بن علي بن عبد اللّه بن عباس :«و لم يكن له كفاء أحد»، بكسر الكاف وفتح الفاء، والمد، وكُفُواً : خبر كان واسمها أَحَدٌ، والظرف ملغى، وسيبويه رحمه اللّه يستحسن أن يكون الظرف إذا تقدم خبرا، ولكن قد يجيء ملغى في أماكن يقتضيها المعنى كهذه الآية، وكما قال الشاعر :
ما دام فيهن فصيل حيا ويحتمل أن يكون : كُفُواً، حالا لما قدم من كونه وصفا للنكرة، كما قال : لعزة موحشا طلل، قال سيبويه : وهذا يقل في الكلام، وبابه الشعر، وقال صلى اللّه عليه وسلم :«إن قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تعدل ثلث القرآن».
قال القاضي أبو محمد : بما فيها من التوحيد.