المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٥٣٨

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

سورة الفلق
هذه السورة قال ابن عباس هي مدنية، وقال قتادة : هي مكية.
قوله عز وجل :
[سورة الفلق (١١٣) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (٤)
وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (٥)
الخطاب للنبي صلى اللّه عليه وسلم، والمراد هو آحاد أمته، وقال ابن عباس وابن جبير والحسن والقرظي وقتادة ومجاهد وابن زيد : الْفَلَقِ : الصبح، كقوله تعالى : فالِقُ الْإِصْباحِ [الأنعام : ٩٦] وقال ابن عباس أيضا وجماعة من الصحابة والتابعين وغيرهم : الْفَلَقِ : جب في جهنم ورواه أبو هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، وقوله : مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ يعم كل موجود له شر، وقرأ عمرو بن عبيد وبعض المعتزلة القائلين : بأن اللّه لم يخلق الشر «من شر ما خلق» على النفي وهي قراءة مردودة مبنية على مذهب باطل، اللّه خالق كل شيء، واختلف الناس في :«الغاسق إذا وقب» فقال ابن عباس ومجاهد والحسن :«الغاسق» : الليل ووَقَبَ معناه : أظلم ودخل على الناس، وقال الشاعر [ابن قيس الرقيات ] :[المديد]
إن هذا الليل قد غسقا واشتكيت الهم والأرقا
وقال محمد بن كعب :«الغاسق إذا وقب»، النهار دخل في الليل، وقال ابن زيد عن العرب، «الغاسق» سقوط الثريا، وكانت الأسقام والطاعون تهيج عنده، وقال عليه السلام : النجم هو الغاسق فيحتمل أن يريد الثريا، وقال لعائشة وقد نظر إلى القمر :«تعوذي باللّه مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ، فهذا هو»، وقال القتبي وغيره : هو البدر إذا دخل في ساهوره فخسف، قال الزهري في «الغاسق إذا وقب» :
الشمس إذا غربت، ووَقَبَ في كلام العرب : دخل، وقد قال ابن عباس في كتاب النقاش :«الغاسق إذا وقب» : ذكر الرجل، فهذا التعوذ في هذا التأويل نحو قوله عليه السلام وهو يعلم السائل التعوذ :«قل أعوذ باللّه من شر سمعي وشر قلبي وشر بصري وشر لساني وشر منيي»، ذكر الحديث جماعة والنَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ السواحر، ويقال إن الإشارة أولا إلى بنات لبيد بن الأعصم اليهودي كن ساحرات وهن اللواتي سحرن مع أبيهم النبي صلى اللّه عليه وسلم وعقدن له إحدى عشرة عقدة، فأنزل اللّه تعالى إحدى عشرة آية


الصفحة التالية
Icon