لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ... ) (١).
(وأخرج ابن إسحاق والبيهقي (٢) من طريق عكرمة، أو سعيد عن ابن عباس: أن الوليد بن المغيرة اجتمع ونفر من قريش، وكان ذا سن فيهم، وقد حضر الموسم، فقال: إن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا، ويرد قول بعضكم بعضا، فقالوا: فأنت يا أبا عبد شمس فقل، وأقم لنا رأيا نقوم به، فقال: بل أنتم فقولوا لأسمع. فقالوا: نقول كاهن. فقال: ما هو بكاهن، لقد رأيت الكهان فما هو بزمزمة الكاهن وسحره. فقالوا: نقول: مجنون. فقال: وما هو بمجنون، ولقد رأينا الجنون وعرفناه، فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته. قال: فنقول: شاعر. قال: فما هو بشاعر، قد عرفنا الشعر برجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بالشعر. قال: فنقول: ساحر. قال: فما هو ساحر، قد رأينا السحار وسحرهم، فما هو بنفثه ولا عقده. فقالوا: ما تقول يا أبا عبد شمس؟ قال: والله إن لقوله لحلاوة، وإن أصله لمعذق وإن فرعه لجنى، فما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل، وإن أقرب القول لأن تقولوا: ساحر. فتقولوا: هذا ساحر يفرق بين المرء وبين أبيه، وبين المرء وبين أخيه، وبين المرء وبين زوجته، وبين المرء وعشيرته،
_________
(١) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي ذر، رقم: ٢٤٧٣.
(٢) أخرجه ابن اسحاق كما في مختصر السيرة لابن هشام (٢/١٠٥) تحقيق طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١١، ، والبيهقي في شعب الإيمان (١/١٥٧)، تحقيق محمد السعيد زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٠، والسند ضعيف فيه محمد بن أبي محمد وهو مجهول (التقريب ص: ٥٠٥).


الصفحة التالية
Icon