للواقع، فإن تم هذا لسورة للبقرة وهي أطول سورة في القرآن وأكثرها آيات وامتد نزولها على تسع سنوات فما بالك بغيرها من السورة، لا شك أنه أولى وأحرى.
ثم قال رحمه الله: (إن اجتماع هذه الأسباب في كل سورة متفرقة النجوم، دون أن تغض من إحكام وحدتها، ولا استقامة نظمها هو بالتحقيق معجزة المعجزات) (١).
المطلب الخامس: عدم التناقض:
وقد أشار الله تعالى إلى هذا الدليل في قوله سبحانه:
﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢].
قال ابن جرير الطبري -رحمه الله-: (القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أفلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا﴾ ؛ يعني جل ثناؤه بقوله: ﴿أفلا يتدبرون القرآن﴾ أفلا يتدبر المبيتون غير الذي تقول لهم يا محمد كتاب الله؛ فيعلموا حجة الله عليهم في طاعتك واتباع أمرك، وأن الذي أتيتهم به من التنزيل من عند ربهم، لاتساق معانيه وائتلاف أحكامه وتأييد بعضه بعضا بالتصديق، وشهادة بعضه لبعض بالتحقيق؛ فإن ذلك لو كان من عند غير الله لاختلفت أحكامه وتناقضت معانيه وأبان بعضه عن فساد بعض) (٢).
_________
(١) انظر النبأ العظيم، لدراز (ص: ١٥٠)، وانظر من أساليب الغزو الفكري الطعن في القرآن، للدكتور: غنايم (ص: ٥٤٠).
(٢) جامع البيان عن تأويل آي القرآن (٨/٥٦٧)، تحقيق محمود وأحمد ابنا محمد شاكر، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الثانية


الصفحة التالية
Icon