ثانيا: العلمانيون: ونقصد بهم تلاميذ أولئك المستشرقين؛ الذين رضعوا منهم أفكارهم، وطعونهم في كتاب الله، ومع هذا يدّعون الإسلام، ويتكلمون باسمه، ويزعمون أنهم بهذا ما يريدون إلا الإصلاح (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لَا يَشْعُرُونَ ( [البقرة: ١١، ١٢]. وينسبون أنفسهم للعلم، فيقولون: نحن علمانيون. تلبيسا على عامة الناس.
وخطر هؤلاء أشد (١) ؛ لأنهم باسم الإسلام يطعنون في الإسلام، وبزعم الدفاع عنه يحاربونه، وأسماؤهم كأسمائنا، وهم أبناء جلدتنا، فتلبيسهم على عامة الناس، بل على بعض الخاصة شديد، لذلك كان الرد على هؤلاء، وكشف أباطيلهم وتلبيساتهم من أعظم الواجبات، وآكد الفرائض، حتى تحذر الأمة منهم، وتسلم من شرهم؛ ففي الصحيحين عن حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قال: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نعَمْ.» قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ.» قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ
_________
(١) انظر: كتاب: نقض مطاعن في القرآن الكريم، لمحمد عرفة، (ص: ٨٢).