إِذَا وَصَفَ الطَّائِيَ بِالُبُخْلِ مَادِرُ (١) وعَيَّر قَسًا (٢) بالفَهَاهَةِ باقِلُ (٣)
وقال السُّهَى (٤) للشَّمْسِ أًنْتِ خَفِيَّةٌ وقال الدُّجَى للصُّبْحِ لَونْكَ حَائِلُ
فيَا مَوْتُ زُرْ إنَّ الحياةَ ذَمِيمَةٌ ويا نَفْسُ جِدَّي إنَّ دَهْرَكِ هَازِلُ (٥)
١٠-لا يألو أعداء الله جهداً في الطعن في هذا الدين، واستخدام كل الطرق لتنفير الناس منه، ولو كان في غايةٍ من الخسة
_________
(١) مارد: هو رجل من بني هلال بن عامر بن صعصعة، اسمه مخارق، بلغ من بخله أن سقى إبله، فبقى في أسفل الحوض ماء قليل، فسلح فيه ومدر الحوض به، فسمى مادراُ وصار مضرب المثل عند العرب، فيقال: أبخل من مارد، انظر: مجمع الأمثال، للنيسابوري، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، دار المعرفة، بيروت (١/١١١).
(٢) هو قس بن ساعدة بن حذاقة بن زهير بن إياد بن نزار الإيادي، كان من حكماء العرب وأعقل من سمع به منهم، وهو أول من كتب من فلان إلى فلان، وأول من أقر بالبعث من غير علم وأول من قال: أما بعد، وأول من قال: البينة على من ادعى واليمين على من أنكر. وقد عمر مائة وثمانين سنة، قال الأعشى: وأبلغ من قس. انظر: مجمع الأمثال، للنيسابوري، (١/١١١)
(٣) باقل: هو رجل من إياد قال أبو عبيدة: باقل رجل من ربيعة بلغ من عيه أنه اشتري ظبياً بأحد عشر درهماً فمر بقوم، فقالوا له: بكم اشتريت الظبي فمد يديه، ودلع لسانه يريد أحد عشر، فشرد الظبي، وكان تحت إبطه، وهو مضرب المثل في العي، فيقال: أعيا من باقل، انظر: مجمع الأمثال (١/١١١).
(٤) السُّهى: هو كوكب صغير خفي في نجوم بنات نعش. انظر: المستقصي في كلام العرب، للزمخشري (١/١٤٧)، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، ١٩٨٧م.
(٥) ومعني الأبيات أنه إذا اختلت معايير الحكم على الأشياء؛ كأن عيَّر مادر - وهو مضرب المثل في البخل - حاتماً الطائي - وهو مضرب المثل في الكرم - بالبخل، وعيَّر باقلُ - وهو مضرب المثل في العي - قس بن ساعدة الإيادي - وهو مضرب المثل في الفصاحة - بالفهاهة، ورمى السُّهى الخفي الشمس بالخفاء، فإن الموت يصبح أحب إلي النفس من الحياة، فقد صارت ذميمة بغيضة، ويجب على النفس آنذاك أن تقابل هذا الهزل بالجد والعزم.