أنها مخالفة للمصحف، وقد قرأ بذلك عيسى بن عمر، واحتجا بأنه غلط من الكاتب، وقد روي مثل ذلك عن عائشة رضي الله عنها، رواه أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائسة، وكان عاصم الجحدري يقرأ كذلك، فإذا كتب كتب ﴿ إِنْ هَذَانِ ﴾، واحتجوا له بقول عثمان - رضي الله عنه - :(أرى في المصحف لحناً ستقيمه العرب بألسنتها)، وهذان الخبران لا يصححهما أهل النظر، ولعل أبا عمرو وعيسى بن عمر وعاصماً والجحدري ما قرؤوا إلا ما أخذوه عن الثقات من السلف. وأما قراءة الجماعة :﴿ إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ ﴾ فذهب قوم إلى أن (إنَّ) بمنزلة (نعم)، وأنشدوا :
ولا أقيم بدار الهون إن ولا آتى إلى الغدر أخشى دونه الخمجا
وأنشدوا أيضاً :
بكر العواذل في الصبو ح يلمنني وألومهنه
ويغلن شيب قد علا ك وقد كبرت فقلت إنه
وهذا القول لا يصح عندنا لأمرين :
أحدهما : أنها إذا كانت بمعنى (نعم) ارتفع ما بعدها بالابتداء والخبر، وقد تقدم أن (اللام) لا تدخل على خبر مبتدأ جاء على أصله.
والثاني : أن أبا علي الفارسي قال : ما قبل (إنَّ) لا يقتضي أن يكون جوابه (نعم) ؛ لأن إن جعلته جواباً لقوله :﴿ فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى ﴾ [طه : ٦٢] قالوا : نعم هذان لساحران كان محالاً أيضاً.