وقيل : الهاء مضمرة بعد (إنَّ)، وفيه أيضاً نظر من أجل دخول اللام في الخبر ولأن إضمار الهاء بعد (إنَّ) المشددة إنما يأتي في ضرورة الشعر، نحو قوله :
إن من يدخل الكنيسة يوماً يلق فيها جاذراً وظباء
وقيل : لما كانت (إنَّ) مشبهة بالفغل، وليست بأصل في العمل ألغيت هاهنا، كما تلغي إذا خففت، وهذ قول علي بن عيسى الرماني، وهو غير صحيح ؛ لأنها لم تلغ مشددة في غير هذا الموضع، وأيضاً فإنها قد أ'ملت مخففة نحو قوله تعالى :﴿ وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [هود : ١١١].
في قراءة من قرأ كذلك ؛ لأنها إنما عملت لشبهها بالفعل كما ذكره والفعل قد يعمل وهو محذوف، نحو : لم يك زيد قائما، ولم يخش عبد الله أحداً وما أشبه بذلك، وقد أعمل اسم الفاعل والمصدر لشبهها بالفعل، ولا يجوز إلغاؤهما، وأيضاً فإن (اللام) تمنع من هذا التأويل ؛ لأن (إنْ) إذا ألغيت ارتفع ما بعدها بالابتداء و(اللام) لا تدخل على خبر المبتدأ كما قدمناه.
وقيل :﴿ هَذَانِ ﴾ في موضع نصب إلا أنه ملني لأنه حمل على الواحد والجمع وهما مبنيان، نحو : هذا وهؤلاء، وهذا أيضاً غير صحيح ؛ لأنه لا يعرف في غير هذا المكان ؛ لأن التثنية لا تختلف ولا تأتي إلا على طريقة واحدة، والواحد والجمع يختلفان، فجاز فيهما البناء ولم يجز في التثنية ؛ لأن فيها دليل الإعراب وهو (الألف) ومحال أن تكون الكلمة مبنيه معربه في حال.
وقيل : هذه الألف ليست بالأف تثنيه، وإنما هي ألف (هذا) زيدت عليها النون، وهذا قول الفراء، وهو أيضاً غير صحيح ؛ لأنه لا تكون تثنية لا علم للتثنية فيها، فإن قيل : النون علم التثنية، قيل : النون لا يصح على التثنية لأنها لم تأت في غير هذا


الصفحة التالية
Icon