الدليل من هذه الآية : أن ﴿ أَنَاْ ﴾ من ضمائر الرفع، وقد عطفه على ﴿ أَنَّ ﴾ على مذهب من جعلها في موضع نصب.
ونصب ﴿ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ على الحال، والكوفيون يسمون الحال (قطعاً)، وربما قالوا : نصب على الاستثناء.
واختلف في الأمة هاهنا :
فقيل : الأمة الملة، وهوقول الحسن وابن جريج، أي : دينكم دين واحد، والأمة قد تقع على الدين، نحو قوله :﴿ وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ ﴾ [الزخرف : ٢٢] أي : على دين.
قال النابغة :
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع
وقيل : الأمة هاهنا الجماعة، والمعنى : جماعتكم جماعة واحدة في الشريعة، والجماعة تسمى أمة. نحو قوله تعالى :﴿ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ﴾ [القصص : ٢٣].
والأمة في غير هذا المكان : الحين، ومنه :﴿ وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ﴾ [يوسف : ٤٥].
والأمة : الرجل العالم المنفرد، نحو قوله :﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً ﴾ [النحل : ١٢٠].
والأمة : القرن من الناس وغيرهم، نحو قوله تعالى :﴿ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾ [الأنعام : ٣٨].
والأمة : القامة، نحو قول الشاعر :
وإن معاوية الأكرمين حسان الوجوه طوال الأمم
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴾ [المؤمنون : ٧٦].