فقيل : معناه فصلنا فيها فرائض مختلفة، كما تقول : فرضت له كذا، أي جعلت له نصيبا منه.
وقيل : أوحيناها عليكم وعلى من بعدكم إلى يوم القيامة.
فصل :
ومما يسأل عنه قوله :﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ﴾ [النور : ٣] ؟ وفي هذا أجوبة :
أحدها : أنها نزلت على سبب. وهو أن رجلا من المسلمين استأذن النبي - ﷺ - في أن يتزوج (أم مهزول)، وهي امرأة كانت تسافح ولها راية على بابها تعرف بها، فنزلت هذه الآية، وهذا قول عبد الله بن عباس وابن عمر، قال مجاهد والزهري وشعبة وقتادة والشعبي : حرم الله تزويج أصحاب الرايات.
والثاني : أن النكاح هاهنا الجماع، والمعنى : أنهما اشتركا في الزنا فهي مثله، وهذا قول الضحاك واين زيد وسعيد بن جبير، وروي مثل ذلك عن ابن عباس في أحد قوليه.
والثالث : أن هذا الحكم كان في كل زان وزانية ثم نسخ بقوله :﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ﴾ [النور : ٣٢]، وهو قول سعيد بن جبير، ووجه هذا : أن يكون قوله :﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً ﴾ [النور : ٣] خبرا وفيه معنى التحذير، فكأنه نهي في المعنى، ثم نسخ ؛ وإنما احتيج إلى هذا التأويل من قبل أن النسخ لا يصح في الأخبار، وإنما يصح في الأوامر والنواهي.
ويسأل عن قوله تعالى :﴿ سُورَةٌ ﴾ بم ارتفع ؟
والجواب : أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره : هذه سورة، ولا يجوز أن يكون مبتدأ : لأنها نكرة ولا يبتدأ بالنكرة حتى توصف، وإن جعلت ﴿ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا ﴾ صفة لها بقي