قرأ الكسائي وعاصم وحمزة ﴿ صَدَّقَ ﴾ بالتشديد، وقرأ الباقون ﴿ صَدَقَ ﴾ بالتخفيف، فمن شدد نصب (الظَّنَّ) لأنه مفعول بصدق، وذلك أنه قال :﴿ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ ﴾ [النساء : ١١٩] ﴿ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ ﴾ [الحجر : ٣٩] فقال : ذلك بالظن فصدق ظنه.
وأما من خفف فذهب الفراء إلى أن المعنى : ولقد صدق عليهم إبليس ظنه بالرفع، على أن قوله :﴿ ظنه ﴾ بدل من ﴿ إبليس ﴾، قال : ولو قرأ قارئ (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه) لجاز كما تقول : صدقك ظنك وكذلك ظنك ؛ لأن (الظَّنَّ) يخطئ ويصيب.
قوله تعالى :﴿ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [سبأ : ٢٤]
قال المفسرون معناه : وأنا لعلى هدى وأنتم في ضلال مبين.
ومعنى ﴿ أَوْ ﴾ هاهنا معنى (الواو)، قال الفراء، وكذلك هو في المعنى، غير ان العربية على غير ذلك لا تكون (أو) بمنزلة (الواو) ولكنها تكون في الأمر المفوض، كما تقول : إن شئت فخذ درهماً أو اثنين، وليس له أن يأخذ ثلاثة، قال والمعنى في قوله :﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ ﴾ إنا لضالون أو لمهتدون، وإنكم أيضاً لضالون أو مهتدون، وهو يعلم أن رسوله المهتدي وأن غيره الضال، قال : وأنت تقول في الكلام للرجل يكذبك : والله إن أحدنا لكاذب، فكذبته تكذيباً غير مكشوف، وهو في القرآن وفي كلام العرب كثير يوجه إلى أحسن مذاهبه إذا عرف، كقول القائل : والله لقد قام زيد، وهو كاذب، فيقول العالم بأن الأمر على خلاف ذلك، قال :(إن شاء الله) أو قال :(فيما أظن) فيكذبه بأحسن من تصريح التكذيب.
قال علي بن عيسى : هذا على الإنصاف في الحجاج، كما يقول القائل : أحدنا كاذب، وحقيقة ﴿ أَوْ ﴾ هاهنا أنها لأحد الأمرين.