والقول الثاني : أنه منصوب على الحال، على أحد وجهين : إما أن يكون على تقدير : ذا أمرٍ، ثم حذف : كما قال :﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ ﴾، أو يكون وضع المصدر موضع الحال كما يقال : جاء مشياً وركضاً، أي : ماشياً وراكضاً.
قوله تعالى :﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ﴾ [الدخان : ٢٩]
يقال ما معنى :﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ﴾ ؟.
وفيه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أن المعنى : أهل السماء والأرض ؛ لأنهم يسخط الله تعالى عليهم في مكان خزي.
والثاني : أن المعنى : لو كانت السماء والأرض ممن يبكي على أحد لم تبك على هؤلاء ؛ لأنهم عصاة مجرمون.
والثالث : أن المعنى : أنه لم تبك عليهم كما تبكي على المؤمن إذا مات مصلاه ومصعد عمله، وهذا قول ابن عباس وسعيد بن جبير، والأول قول الحسن.
قوله تعالى :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾ [الدخان : ٤٩]
يسأل عن معنى :﴿ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴾ هاهنا ؟
وفيه جوابان :
أحدهما : أن يكون على طريق النقيض، المعنى : ذق إنك أنت الذليل المهين، إلا أنه جاء على جهة الاستخفاف، وهذا في الكلام مستعمل بقول الرجل للرجل يستجهله ويستحمقه : ما أنت إلا عاقل.
والثاني : ذق العذاب إنك أنت العزيز في قومك الكريم عليهم، وما أغنى عنك ذلك شيئاً.