والجواب عن ذلك : أنه محذوف، والتقدير فيه : قاف القرآن المجيد ليبعثن، ويدل عليه قوله :﴿ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ﴾.
وكذا جواب (إذا) محذوف، وتقديره أإذا متنا وكنا تراباً بعثنا أو رجعنا، ويدل عليه قوله :﴿ ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ﴾، أي : أمر لا ينال، وهو جحد منهم، كما تقول للرجل يخطئ في المسألة : لقد ذهبت مذهباً بعيداً من الصواب، أي : أخطأت.
ويقال : عجيب وعجاب وعجاب، وهذه أبنية للمبالغة، ومثله كبير وكبار وكبار، وله نظائر.
قوله تعالى :﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴾ [ق : ١٧].
يسأل عن توحيد ﴿ قَعِيدٌ ﴾ ؟
وعنه جوابان :
أحدهما : أنه واحد يراد به الجمع، قال الفراء : حدثني حيان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله :﴿ قَعِيدٌ ﴾ قال : يريد قعوداً عن اليمين وعن الشمال، وهذا كما تقول : أنتم صديق لي، وكما قالوا :(رسول) في معنى (رسل) وقال الهذلي :
ألكني إليها وخير الرسول أعلمهم بنواحي الخبر
فجل (الرسول) في معنى (الرسل)، والعلة في هذا :(أن فعيلاً) و(فعولاً) من أبنية المصادر نحو : الزئير والدوي والقبول والولوع، والمصدر يقع بلفظ الواحد، ويراد به التثنية والجمع : لأنه جنس، والجنس يدل على واحده على ما هو أكثر منه.
الجواب الثاني : أن يكون المعنى : عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد، ثم حذف اكتفاء بأحد الاسمين عن الثاني ؛ لأن المعنى مفهوم، قال الشاعر :