قوله تعالى :﴿ أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾ [الواقعة : ٨١-٨٢].
المدهن : المظهر خلاف ما يبطن، ومنه قوله تعالى :﴿ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴾ [القلم : ٩]، ويعني به هاهنا : تامنافقون، وقال الفراء : يعني به : الكافرون، يقال : أدهن، أي : كفر، وأصله : من الجهن، كأنه يذهب في خلاف ما يظهر، كالدهن في سهولة ذلك عليه وإسراعه إليه.
وقوله :﴿ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن المعنى : وتجعلون حظكم من الخبر الذي هو كالرزق لكم أنكم تكذبون به.
والثاني : أن المعنى : وتجعلون شكر رزقكم أنكم تكذبون.
قال الفراء : جاء في الأثر أن معنى ﴿ رِزْقَكُمْ ﴾ شكركم، قال : وهو حسن في العربية، لأنك تقول : جعلت زيارتي إياك أنك استخففت بي، فيكون المعنى : جعلت ثواب الزيارة ذلك، ومثله : قوله تعالى :﴿ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [آل عمران : ٢١]. ، أي : ما يقوم لهم مقام البشارة عذاب أليم ؛ لأن البشارة لا يكون إلا في معنى الخير.
قوله تعالى :﴿ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ﴾ [الواقعة : ٩٠-٩١]
قال علي بن عيسى : دخل كاف الخطاب كما دخل في : ناهيك به شرفاً وحسبك به كرماً، أي لا تطلب زيادة على حلالة حاله، فكذلك سلام لك منهم، أي : لا تطلب زيادة على سلامتهم جلالة وعظم ومنزلة.


الصفحة التالية
Icon