والجواب : أنه جاء على طريق ما يدل على خير التجارة لا على نفس الخبر إذ الفعل يدل على مصدره وانعقاده بالتجارة في المعنى لا في اللفظ، وفي ذلك توطئة لما يبنى على المعنى في الإيجاز.
ويسأل عن جزم ﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ ﴾، ﴿ وَيُدْخِلْكُمْ ﴾ ؟
أحدهما : أنه جواب ﴿ هَلْ ﴾ ؛ لأنها استفهام وجواب الاستفهام مجزوم، وهو قول الفراء، وأنكر هذا القول أصحابنا، وقالوا : الجلالة لا توجب المغفرة.
والقول الثاني : أنه محمول على المعنى : لأن قوله تعالى :﴿ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ معناه : آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا في سبيل الله، فهو أمر جاء في لفظ الخبر، ويدل على ذلك أن عبد الله بن مسعود قرأ :" ءَامِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ" ولا يمتنع أن يأتي الأمر بلفظ الخبر كما أتى الخبر بلفظ الأمر في قوله تعالى :﴿ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا ﴾ [مريم : ٧٥]، والمعنى : فمد له الرحمن مداً، لأن القديم تعالى لا يأمر نفسه، ومثل ذلك :﴿ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ ﴾ [مريم : ٣٨]، فلفظه لفظ الأمر، ومعناه الخبر أي : ما أسمعهم وأبصرهم، أي : هؤلاء ممن يجب أن يقال لهم ذلك.
﴿ من سورة الجمعة ﴾
قوله تعالى :﴿ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [الجمعة : ١]
التسبيح : التنزيه لله تعالى، والقدوس : المطهر من العيوب، والتقديس : التطهير، ومنه يقال : القدس حظيرة الجنة، ويقال : للسطل قدس ؛ لأنه يتطهر به، والعزيز : الممتنع،