وقيل الغالب، ومنه قوله تعالى :﴿ وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ﴾ [ص : ٢٣]، والحكيم : المحكم للأشياء، وأصل أحكم : منع، قال الأصمعي : قرأت في كتاب بعض الخلفاء :(أحكموا بني فلان عن كذا)، قال الشاعر :
أبني كليب أحكموا سفهاءكم إني أخاف عليكم أن أغضبا
ومن هذا أخذت حكمة الدابة للحديدة.
ومما يسأل عنه أن قال : لم جاز ﴿ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ﴾، و ﴿ مَا ﴾ إنما يقع على ما لا يعقل، والتسبيح إنما هو لمن يعقل ؟ وعن هذا جوابان :
أحدهما : أن ﴿ مَا ﴾ هاهنا بمعنى (من) كما حكى أبو زيد عن أهل الحجاز أنهم كانوا إذا سمعوا الرعد قالوا : سبحان ما سبحت له.
والثاني : أن (ما) أعم من (من) وذلك أنها تقع على ما لا يعقل وعلى صفات من يعقل، فقد شاركت (من) في من يعقل وزادت عليها بكونها لما لا يعقل فصارت أعم منه، فجاءت لتدل على أن التسبيح من جميع عاقلهم وغير عاقلهم عام، ويدل على هذا قوله تعالى :﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ [الإسراء : ٤٤].
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا ﴾ [الجمعة : ١١].
جاء في التفسير : أن النبي - ﷺ - كان يخطب يوم الجمعة فقدم دحية الكلبي بتجارة من الشام وفيها كل ما يحتاج إليه الناس، فضرب الطبل ليؤذن الناس بقدومه، فخرج جميع الناس إلا ثمانية نفر، فأنزل الله سبحانه :﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً ﴾، يعني التي قدم بها، ﴿ أَوْ لَهْوًا ﴾ يعني الضرب بالطبل.
ويسأل عن قوله :﴿ انْفَضُّوا إِلَيْهَا ﴾، ولم يقل :(إليهما) ؟


الصفحة التالية
Icon