والقول على قوله :﴿ سَلَاسِلَ ﴾ [الإنسان : ٤] كالقول على قوله :﴿ قَوَارِيرَا (١٥) قَوَارِيرَ ﴾ [الإنسان : ١٥-١٦].
ومن نون الأول ولم ينون الثاني فلأن الأول رأس آية، والفواصل تشبه بالقوافي فتنون، ولم ينون الثاني ؛ لأنه ليس برأس آية، وقد قال الزجاج : إن من نونهما جميعاً أتبع الثاني الأول، لأنه نون الأول ؛ لأنه فاصلة ونون الثاني اتباعاً له كما قالوا :(جحر ضب خرب)، فجر (خرباً) لمجاورته (ضباً) وهو نعت لجحر.
قوله تعالى :﴿ عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ ﴾ [الإنسان : ٢١].
السندس : الديباج الرقيق الفاخر الحسن، والإستبرق : الديباج الغليظ وهو معرب.
وقرأ ابن محيصن بترك الصرف، وقرأ نافع وحمزة وعاصم في رواية أبان والمفضل "عاليهم" بتسكين (الياء)، ونصب الباقون.
وقرأ نافع وحفص عن عاصم ﴿ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ﴾ بالرفع، وقرأ حمزة والكسائي بالجر، وقرأ ابن كثير وعاصم من رواية أبي بكر بجر "خضر" ورفع "إستبرق"، وقرأ أبو عمرو وابن عامر برفع "خضر" وجر "إستبرق".
فمن أسكن (الياء) جعل ﴿ عَالِيَهُمْ ﴾ مبتدأ و ﴿ ثِيَابُ ﴾ الخبر.
ومن نصب جعله ظرفاً، كقولك : فوقهم، وهو قول الفراء، وأنكره الزجاج، وقال : هو نصب على الحال من المضمر في ﴿ عَالِيَهُمْ ﴾، ويجوز أن يكون من المضمر في رأيتهم، وإنما أنكره الزجاج ؛ لأنه ليس باسم مكان، كخارج الدار وداخلها، وهو مذهب سيبويه.


الصفحة التالية
Icon