ج ١، ص : ١١٦
منّا حالكم في اجتناب السحر الذي نعلم فساده والعمل به.
فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما : أي : مكان ما علما من تقبيح السحر.
ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ : وذلك بالتبغيض «١»، أو إذا سحر كفر فتبين امرأته «٢». وقيل : بالجحد في (و ما [أنزل ] «٣»).
وصرف ويتعلمون منهما إلى السّحر والكفر لدلالة ما تقدّم عليهما.
كقوله : يَتَجَنَّبُهَا
«٤» أي : الذكرى لدلالة سَيَذَّكَّرُ عليها.
بِإِذْنِ اللَّهِ : بعلم اللّه «٥»، أو بتخليته، أو بفعله وإرادته لأنّ الضّرر بالسّحر وإن كان لا يرضاه عنه «٦» تعالى عند السبب الواقع من الساحر.
وقال : لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ مع قوله : وَلَقَدْ عَلِمُوا لأنه في فريق

_
(١) تفسير الطبري : ٢/ ٤٤٧ عن قتادة.
(٢) تفسير الفخر الرازي : ٣/ ٢٣٩.
(٣) عن نسخة «ك» و«ج».
(٤) سورة الأعلى : الآيتان :(١٠، ١١).
(٥) قال الطبري - رحمه اللّه تعالى - في تفسيره : ٢/ ٤٤٩ :«و ل «الإذن» في كلام العرب أوجه منها :
- الأمر على غير وجه الإلزام. وغير جائز أن يكون منه قوله : وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لأن اللّه جل ثناؤه قد حرّم التفريق بين المرء وحليلته بغير سحر - فكيف به على وجه السحر؟ - على لسان الأمة.
- ومنها : التخلية بين المأذون له، والمخلّى بينه وبينه.
- ومنها العلم بالشيء، يقال منه :«قد أذنت بهذا الأمر» إذا علمت به... وهذا هو معنى الآية، كأنه قال جل ثناؤه : وما هم بضارين، بالذي تعلموا من الملكين، من أحد إلا بعلم اللّه، يعني : بالذي سبق له في علم اللّه أنه يضره».
وانظر تفسير الماوردي : ١/ ١٤٣، والمحرر الوجيز : ١/ ٤٢٣، وتفسير الفخر الرازي :
٣/ ٢٣٩. [.....]
(٦) من المعلوم أن «رضي» يأتي لازما فيتعدى بحرف الجر «عن» نحو قولك : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ويأتي متعديا بنفسه نحو قوله : وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً، وعليه تكون صحة العبارة إما أن يقال : ولا يرضى عنه تعالى، وإما أن يقال : ولا يرضاه تعالى، حيث لم يجر العرف اللغوي باستعمال الفعل لازما متعديا في عبارة واحدة.


الصفحة التالية
Icon