ج ١، ص : ٢٩٩
٧٥ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ : أي : نريه الملكوت ليستدل به وليكون...
و«الملكوت» : أعظم الملك ك «الرهبوت» أعظم الرهبة «١».
٧٦ جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ : جنّه جنانا وجنونا وأجنّه إجنانا : غشيه وستره «٢»، وجاء جَنَّ عَلَيْهِ لأنه بمعنى أظلم عليه، وليس في «جنّه» سوى ستره «٣».
هذا رَبِّي : على وجه تمهيد الحجة وتقرير الإلزام، ويسميه أصحاب القياس : القياس الخلفيّ، وهو أن تفرض الأمر الواجب على وجوه لا يمكن ليجب به الممكن «٤».

_
(١) مجاز القرآن لأبي عبيدة :(١/ ١٩٧، ١٩٨)، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٥٦، وقال الزجاج في معاني القرآن : ٢/ ٢٦٥ :«و الملكوت بمنزلة الملك، إلا أن الملكوت أبلغ في اللّغة من الملك لأن الواو والتاء تزادان للمبالغة، ومثل الملكوت الرّغبوت، والرّهبوت، ووزنه من الفعل «فعلوت»...».
(٢) معاني القرآن للفراء : ١/ ٣٤١، ومجاز القرآن لأبي عبيدة : ١/ ١٩٨، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٥٦، وتفسير الطبري : ١١/ ٤٧٨، والمفردات للراغب : ٩٨.
قال الماوردي في تفسيره : ١/ ٥٣٩ :«و معنى جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ أي : ستره، ولذلك سمّي البستان جنّة لأن الشجر يسترها، والجن لاستتارهم عن العيون، والجنون لأنه يستر العقل، والجنين لأنه مستور في البطن، والمجن لأنه يستر المتترس».
(٣) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١/ ١٩٨، وتفسير الطبري :(١١/ ٤٧٨، ٤٧٩)، ومعاني القرآن للزجاج : ٢/ ٢٦٦، وتفسير الفخر الرازي : ١٣/ ٤٧.
(٤) معاني القرآن للفراء : ١/ ٣٤١، والمبين في شرح ألفاظ المتكلمين : ٨٤. -
- قال الفخر الرازي في تفسيره : ١٣/ ٥٢ :«... إن إبراهيم - عليه السلام - لم يقل هذا رَبِّي على سبيل الإخبار، بل الفرض منه أنه كان يناظر عبدة الكوكب، وكان مذهبهم أن الكوكب ربهم وإلههم، فذكر إبراهيم - عليه السلام - ذلك القول الذي قالوه بلفظهم وعبارتهم حتى يرجع إليه فيبطله، ومثاله : أن الواحد منا إذا ناظر من يقول بقدم الجسم، فيقول : الجسم قديم فإذا كان كذلك، فلم نراه ونشاهده مركبا متغيرا؟ فهو إنما قال :
الجسم قديم إعادة لكلام الخصم حتى يلزم المحال عليه، فكذا هاهنا قال : هذا رَبِّي، والمقصود منه حكاية قول الخصم، ثم ذكر عقبيه ما يدل على فساده، وهو قوله : لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ، وهذا الوجه هو المتعمد في الجواب، والدليل عليه : أنه تعالى دل في أول الآية على هذه المناظرة بقوله تعالى : وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ...»
ا ه.


الصفحة التالية
Icon