ج ١، ص : ٣٧٩
٤٠ إِذْ هُما فِي الْغارِ : مكث النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ثلاثا مع أبي بكر - رضي اللّه عنه - في نقب في جبل بمكة يقال له : ثور «١».
والهاء في عَلَيْهِ يعود على أبي بكر لأنه الخائف الذي احتاج إلى السكينة «٢».
بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها : نزلت الملائكة بالبشارة بالنصر وإلقاء البأس في قلوب المشركين فانصرفوا خائبين «٣».
٤١ انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا : شبانا وشيوخا «٤»، أو خفافا من الثقل والسلاح «٥».

_
(١) جبل ثور : أحد جبال مكة في الجنوب منها، بينها وبين مكة ميلان.
معجم البلدان :(٢/ ٨٦، ٨٧)، والروض المعطار : ١٥١.
(٢) ينظر قصة الغار في صحيح البخاري : ٥/ ٢٠٤، كتاب التفسير، «تفسير سورة التوبة»، وصحيح مسلم : ٤/ ١٨٥٤، كتاب الصحابة، باب «من فضائل أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه»، والسيرة لابن هشام :(١/ ٤٨٥ - ٤٨٨)، وتاريخ الطبري :(٢/ ٣٧٥ - ٣٧٩)، والروض الآنف :(٢/ ٢٣٠ - ٢٣٣).
(٣) الروض الأنف : ٢/ ٢٣٢.
(٤) ذكره ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ١٨٧، وأخرج الطبري هذا القول في تفسيره :
(١٤/ ٢٦٢ - ٢٦٤) عن الحسن، وعكرمة وأبي طلحة، والضحاك، ومقاتل بن حيان، ومجاهد.
وانظر هذا القول في معاني القرآن للزجاج : ٢/ ٤٤٩، ومعاني النحاس : ٣/ ٢١١، وتفسير الماوردي : ٢/ ١٣٩، والمحرر الوجيز : ٦/ ٥٠٢، وزاد المسير : ٣/ ٤٤٢.
(٥) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير : ٣/ ٤٤٣ عن الثعلبي.
قال الطبري - رحمه اللّه - في تفسيره : ١٤/ ٢٦٩ :«و أولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن اللّه تعالى ذكره أمر المؤمنين بالنفر لجهاد أعدائه في سبيله، خفافا وثقالا. وقد يدخل في «الخفاف» كل من كان سهلا عليه النفر لقوة بدنه على ذلك، وصحة جسمه وشبابه، ومن كان ذا يسر بمال وفراغ من الاشتغال، وقادرا على الظهر والركاب، ويدخل في «الثقال» كل من كان بخلاف ذلك، من ضعيف الجسم وعليله وسقيمه، ومن معسر من المال، ومشتغل بضيعة ومعاش، ومن كان لا ظهر له ولا ركاب، والشيخ ذو السن والعيال.
فإذا كان قد يدخل في «الخفاف» و«الثقال» من وصفنا من أهل الصفات التي ذكرنا، ولم يكن اللّه جل ثناؤه خصّ من ذلك صنفا دون صنف في الكتاب، ولا على لسان الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم، ولا نصب على خصوصه دليلا، وجب أن يقال : إن اللّه جل ثناؤه أمر المؤمنين من أصحاب رسوله بالنفر للجهاد في سبيله خفافا وثقالا مع رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، على كل حال من أحوال الخفة والثقل».


الصفحة التالية
Icon