ج ٢، ص : ٦٠٢
مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ : لأنّ اللّه بارك في زيتون الشّام، وزيتها أضوأ وأصفى، ويسيل من غير اعتصار.
لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ : ليست من الشّرق دون الغرب، أو الغرب دون الشّرق لكنها من شجر الشّام واسطة البلاد بين المشرق والمغرب «١».
أو ليست بشرقية في جبل يدوم إشراق الشّمس عليها، ولا غربية نابتة في وهاد «٢» لا يطلع عليها الشّمس، بل المراد أنها ليست من شجر الدنيا التي تكون شرقية أو غربية ولكنها من شجر الجنّة «٣»، وكما قال بأنه مَثَلُ نُورِهِ فلا يؤول على ظاهره، ولكن نور اللّه : الإسلام، والمشكاة : صدر المؤمن، والزّجاجة : قلبه، والمصباح : فيه الإيمان، والشّجرة المباركة : شجرة النّبوة «٤».

_
(١) عن تفسير الماوردي : ٣/ ١٣٠، ونص كلامه :«أنها ليست من شجر الشرق دون الغرب ولا من شجر الغرب دون الشرق، لأن ما اختص بأحد الجهتين أقل زيتا وأضعف، ولكنها شجر ما بين الشرق والغرب كالشام لاجتماع القوتين فيه. وهو قول ابن شجرة وحكى عن عكرمة».
وأورد الفخر الرازي هذا القول في تفسيره : ٢٣/ ٢٣٧، وضعفه بقوله :«و هذا ضعيف لأن من قال : الأرض كرة لم يثبت المشرق والمغرب موضعين معينين، بل كل بلد مشرق ومغرب على حدة، ولأن المثل مضروب لكل من يعرف الزيت، وقد يوجد في غير الشام كوجوده فيها».
(٢) الوهاد : جمع وهدة، المكان المنخفض من الأرض.
الصحاح : ٢/ ٥٥٤، واللسان : ٣/ ٤٧٠ (وهد).
(٣) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ١٨/ ١٤٢ عن الحسن رحمه اللّه تعالى.
وهو عن الحسن أيضا في معاني القرآن للزجاج : ٤/ ٤٥، وتفسير الماوردي : ٣/ ١٣١، وتفسير البغوي : ٣/ ٣٤٦، وزاد المسير : ٦/ ٤٣، وغرائب التفسير للكرماني : ٢/ ٧٩٨.
وضعف الفخر الرازي هذا القول في تفسيره : ٢٣/ ٢٣٧ فقال :«و هذا ضعيف لأنه تعالى إنما ضرب المثل بما شاهدوه، وهم ما شاهدوا شجر الجنة».
(٤) ينظر ما سبق في تفسير البغوي :(٣/ ٣٤٦، ٣٤٧)، وزاد المسير : ٦/ ٤٥، وذكره الفخر الرازي في تفسيره :(٢٣/ ٢٣٥، ٢٣٦) عن بعض الصوفية.
وفي هذا القول تكلف ظاهر لأن اللّه سبحانه وتعالى أثبت لنفسه نورا فلا حاجة لمثل هذا التأويل، ويقال في إثباته كما يقال في بقية صفاته.
ولا يلزم من المثل التشبيه، وإنما تقريب ذلك إلى الأذهان، وللّه المثل الأعلى.


الصفحة التالية
Icon