معاني القرآن، ج ١، ص : ١٠
و إذا كان الهجاء أوّل سورة فكان حرفا واحدا مثل قوله «ص» و«ن» و«ق» كان فيه وجهان فى العربية إن نويت به الهجاء تركته جزما وكتبته حرفا واحدا، وإن جعلته اسما للسورة أو فى مذهب قسم كتبته على هجائه «نون» و«صاد» و«قاف» وكسرت الدال من صاد، والفاء من قاف، ونصبت النون الآخرة من «نون» فقلت :«نون والقلم» و«صاد والقرآن» و«قاف» لأنه قد صار كأنه أداة كما قالوا رجلان، فخفضوا النون من رجلان لأن قبلها ألفا، ونصبوا النون فى «المسلمون والمسلمين» لأن قبلها ياء وواوا.
وكذلك فافعل ب «يس وَالْقُرْآنِ» فتنصب النون من «يس» وتجزمها.
وكذلك «حم» و«طس» ولا يجوز ذلك فيما زاد على هذه الأحرف مثل «طا سين ميم» لأنها لا تشبه الأسماء، و«طس» تشبه قابيل. ولا يجوز ذلك فى شىء من القرآن مثل «الم» و«المر» ونحوهما.
وقوله تعالى : ذلِكَ الْكِتابُ... (٢)
يصلح فيه ذلِكَ من جهتين، وتصلح فيه «هذا» من جهة فأما أحد الوجهين من «ذلِكَ» فعلى معنى : هذه الحروف يا أحمد «١»، ذلك الكتاب الذي وعدتك أن أوحيه إليك. والآخر أن يكون «ذلِكَ» على معنى يصلح فيه «هذا» لأن قوله «هذا» و«ذلِكَ» يصلحان فى كل كلام إذا ذكر ثم أتبعته بأحدهما بالإخبار عنه. ألا ترى أنك تقول : قد قدم فلان فيقول السامع : قد بلغنا ذلك، وقد بلغنا هذا الخبر، فصلحت فيه «هذا» لأنه قد قرب من جوابه، فصار كالحاضر الذي تشير إليه، وصلحت فيه «ذلِكَ» لانقضائه، والمنقضى كالغائب. ولو كان شيئا قائما يرى لم يجز مكان «ذلِكَ» «هذا»،

(١) فى ج، ش «محمد».


الصفحة التالية
Icon