معاني القرآن، ج ١، ص : ١١٥
فقال رجل «١» للنبىّ صلى اللّه عليه وسلم : أهو الخيط الأبيض والخيط الأسود؟
فقال له النبىّ صلى اللّه عليه وسلم :(إنك لعريض القفا هو الليل من النهار).
وقوله : وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ وفى قراءة أبىّ «و لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ولا تدلوا بها إلى الحكّام» فهذا مثل قوله «وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ» «٢» معناه : ولا تكتموا. وإن شئت جعلته إذا ألقيت منه «لا» نصبا على الصرف كما تقول : لا تسرق وتصدّق. معناه : لا تجمع بين هذين كذا وكذا وقال الشاعر :
لا تنه عن خلق وتأتى مثله عار عليك إذا فعلت عظيم «٣»
و الجزم فى هذا البيت جائز أي لا تفعلن واحدا من هذين.
وقوله : يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ... (١٨٩)
سئل النبىّ صلى اللّه عليه وسلم عن نقصان القمر وزيادته ما هو؟ فأنزل «٤» اللّه تبارك وتعالى : ذلك لمواقيت حجكم وعمرتكم وحلّ ديونكم وانقضاء عدد نسائكم.
وقوله : وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها... (١٨٩)
و ذلك أن أهل الجاهلية - إلا قريشا ومن ولدته قريش من العرب - كان الرجل منهم إذا أحرم «٥» فى غير أشهر الحج فى بيت مدر أو شعر أو خباء نقب فى بيته

(١) هو عدىّ بن حاتم. وانظر البخاري فى الصوم، وفى تفسير سورة البقرة.
(٢) آية ٤٢ فى هذه السورة.
(٣) انظر ٣٤ من هذا الجزء.
(٤) أي أنزل معنى هذا الكلام، لا لفظه كما لا يخفى.
(٥) أي بالعمرة. وكان ذلك زمن الحديبية. وهذا أحد ما جاء فى سبب نزول الآية. انظر تفسير الطبري ٢/ ١٠٩


الصفحة التالية
Icon