معاني القرآن، ج ١، ص : ١٦
كَالْمُهْلِ تغلى فِي الْبُطُونِ» «١» و«يَغْلِي» فمن أنّث ذهب إلى الشجرة، ومن ذكّر ذهب إلى المهل. ومثله قوله عز وجل :«أَمَنَةً نُعاساً تغشى طائِفَةً مِنْكُمْ» «٢» للأمنة، و«يَغْشى » للنعاس.
وقوله : صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (١٨) رفعن وأسماؤهن «٣» فى أوّل الكلام منصوبة لأن الكلام تمّ وانقضت به آية، ثمّ استؤنفت «صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ» فى آية أخرى، فكان أقوى للأستئناف، ولو تمّ الكلام ولم تكن آية لجاز أيضا الاستئناف قال اللّه تبارك وتعالى :«جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً. رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ» «٤» «الرَّحْمنِ» يرفع ويخفض فى الإعراب، وليس الذي قبله بآخر آية. فأما ما جاء فى رءوس الآيات مستأنفا فكثير من ذلك قول اللّه :«إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ» إلى قوله :«وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» «٥». ثم قال جل وجهه :«التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ» بالرفع فى قراءتنا، وفى حرف ابن مسعود «٦» «التائبين العابدين الحامدين». وقال :«أَ تَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ اللَّهَ رَبَّكُمْ» «٧». يقرأ بالرفع والنصب على ما فسّرت لك. وفى قراءة عبد اللّه :«صمّا بكما عميا» بالنصب.
ونصبه على جهتين إن شئت على معنى : تركهم صمّا بكما عميا، وإن شئت اكتفيت بأن توقع الترك عليهم فى الظلمات، ثم تستأنف «صما» بالذمّ لهم.
والعرب تنصب بالذمّ وبالمدح لأن فيه مع الأسماء مثل معنى قولهم : ويلا له، وثوابا له، وبعدا وسقيا ورعيا.

(١) آية ٤٣ - ٤٥ سورة الدخان.
(٢) آية ١٥٤ سورة آل عمران.
(٣) كأنه يريد الضمير المنصوب فى قوله :«و تركهم» وجعله أسماءهم إذ كان ضميرا مجموعا، فكأنه عدّة ضمائر، كل ضمير اسم، أو أراد بالمنصوبة غير المرفوعة.
(٤) آية ٣٧ سورة النبأ.
(٥) آية ١١١ سورة التوبة.
(٦) فى ج، ش :«و فى قراءة عبد اللّه». [.....]
(٧) آية ١٢٥ - ١٢٦ سورة الصافات.


الصفحة التالية
Icon