معاني القرآن، ج ١، ص : ٢٠٠
و إن شئت استأنفت (إن الدين) بكسرتها، وأوقعت الشهادة على «أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ». وكذلك قرأها حمزة. وهو أحبّ الوجهين إلىّ. وهى فى قراءة عبد اللّه «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ». وكان الكسائىّ يفتحهما كلتيهما.
وقرأ ابن عباس بكسر الأوّل وفتح (أن الدين عند اللّه الإسلام)، وهو وجه جيّد جعل (إنه لا إله إلا هو) مستأنفة معترضة - كأنّ الفاء تراد فيها - وأوقع الشهادة على (أن الدين عند اللّه). ومثله فى الكلام قولك للرجل : أشهد - إنى أعلم الناس بهذا - أنّك عالم، كأنك قلت : أشهد - إنى «١» أعلم بهذا من غيرى - أنك عالم. وإذا جئت بأنّ قد وقع عليها «٢» العلم أو الشهادة أو الظن وما أشبه ذلك كسرت إحداهما ونصبت التي يقع عليها الظنّ أو العلم وما أشبه ذلك نقول للرجل :
لا تحسبن أنك عاقل إنك جاهل، لأنك تريد فإنك جاهل، وإن صلحت الفاء فى إن السابقة كسرتها وفتحت الثانية. يقاس على هذه ما ورد.
وقوله وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ منصوب «٣» على القطع لأنه نكرة نعت به معرفة. وهو فى قراءة عبد اللّه «القائم بالقسط» رفع لأنه معرفة نعت لمعرفة.
وقوله : فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ (٢٠) (ومن اتّبعن) للعرب فى الياءات التي فى أواخر الحروف - مثل اتبعن، وأكرمن، وأهانن، ومثل قوله «دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ «٤» - وَقَدْ هَدانِ» «٥» - أن يحذفوا الياء مرة ويثبتوها مرة. فمن حذفها اكتفى بالكسرة التي قبلها دليلا عليها. وذلك

(١) فى تفسير الطبري :«فإنى» وهو أنسب.
(٢) أي على مثلها أي أن أخرى.
(٣) أي (قائما).
(٤) آية ١٨٦ سورة البقرة. [.....]
(٥) آية ٨٠ سورة الأنعام.


الصفحة التالية
Icon