معاني القرآن، ج ١، ص : ٢٠١
أنها كالصلة إذ سكنت وهى فى آخر الحروف «١» واستثقلت فحذفت. ومن أتمّها فهو البناء والأصل. ويفعلون ذلك فى الياء وإن لم يكن قبلها نون فيقولون هذا غلامى قد جاء، وغلام قد جاء قال اللّه تبارك وتعالى «فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ» «٢» فى غير نداء بحذف الياء. وأكثر ما تحذف بالإضافة فى النداء لأن النداء مستعمل كثير فى الكلام فحذف فى غير نداء. وقال إبراهيم «رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ» «٣» بغير ياء، وقال فى سورة الملك «فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ» «٤» و«٥» «نَذِيرِ» وذلك أنهن رءوس الآيات، لم يكن فى الآيات قبلهن ياء ثانية فأجرين على ما قبلهن إذا كان ذلك من كلام العرب.
ويفعلون ذلك فى الياء الأصلية فيقولون : هذا قاض ورام وداع بغير ياء، لا يثبتون الياء فى شىء من فاعل. فإذا أدخلوا فيه الألف واللام قالوا بالوجهين فأثبتوا الياء وحذفوها. وقال اللّه «مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ» «٦» فى كل القرآن بغير ياء.
وقال فى الأعراف «فَهُوَ الْمُهْتَدِي» «٧» وكذلك قال «يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ» «٨» و«أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ» «٩». وأحبّ ذلك إلىّ أن أثبت الياء فى الألف واللام لأن طرحها فى قاض ومفتر وما أشبهه بما أتاها من مقارنة نون «١٠» الإعراب وهى ساكنة والياء ساكنة، فلم يستقم جمع بين ساكنين، فحذفت الياء لسكونها. فإذا أدخلت الألف واللام لم يجز إدخال النون، فلذلك أحببت إثبات الياء. ومن حذفها فهو يرى هذه العلّة : قال : وجدت الحرف بغير ياء قبل أن تكون فيه الألف واللام، فكرهت إذ دخلت أن أزيد فيه ما لم يكن. وكلّ صواب.

(١) كذا فى ش. وفى ح :«الحرف».
(٢) آية ١٧ سورة الزمر.
(٣) آية ٤٠ سورة إبراهيم.
(٤) آية ١٨.
(٥) آية ١٧.
(٦) آية ٩٧ سورة الإسراء، وفيها :
و من يهد بالواو، آية ١٧ سورة الكهف.
(٧) آية ١٧٨.
(٨) آية ٤١ سورة ق.
(٩) آية ١٨٦ سورة البقرة.
(١٠) يريد التنوين، وجعله نون الإعراب لأنه يدخل فى المعرب وينكب عن المبنىّ.


الصفحة التالية
Icon