معاني القرآن، ج ١، ص : ٢٠٨
و قوله : وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا... (٣٧)
من شدّد جعل زكرياء فى موضع نصب كقولك : ضمّنها زكرياء، ومن خفّف الفاء جعل زكرياء فى موضع رفع. وفى زكريا ثلاث لغات : القصر فى ألفه، فلا يستبين فيها رفع ولا نصب ولا خفض، وتمدّ ألفه فتنصب وترفع بلا نون لأنه لا يجرى «١»، وكثير من كلام العرب أن تحذف المدّة والياء «٢» الساكنة فيقال : هذا زكرىّ قد حاء فيجرى لأنه يشبه المنسوب من أسماء العرب.
وقوله : هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً... (٣٨)
الذرّية جمع، وقد تكون فى معنى واحد. فهذا من ذلك لأنه قد قال :
فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا «٣» ولم يقل أولياء. وإنما قيل «طيبة» ولم يقل طيبا لأن الطيبة أخرجت على لفظ الذرّية فأنث لتأنيثها، ولو قيل ذرّية طيبا كان صوابا.
ومثله من كلام العرب قول الشاعر :
أبوك خليفة ولدته أخرى وأنت خليفة ذاك الكمال
فقال (أخرى) لتأنيث اسم الخليفة، والوجه أن تقول : ولده آخر. وقال آخر.
فما تزدرى من حيّة جبليّة سكات إذا ما عضّ ليس بأدردا «٤»
(٢) لم تحذف الياء الساكنة فى الصورة التي أثبتها وفيها ياء مشدّدة تشبه ياء النسب. وقد اشتبه عليه الأمر بلغة رابعة، وهى تخفيف الياء فيكون منقوصا، ويقال : هذا زكر بتنوين الراء مكسورة.
وانظر اللسان.
(٣) آية ٥ سورة مريم.
(٤) «جبلية» يقال للحية ابنة الجبل، فلذلك قال : جبلية. و«سكات» : لا يشعر به الملسوع حتى يلسعه. وأدرد : صفة من الدرد، وهو ذهاب الأسنان، ومؤنثه درداء. وانظر اللسان فى (سكت).