معاني القرآن، ج ١، ص : ٢١٦
و أمّا الذين غلّبوا الذال فأمضوا القياس، ولم يلتفتوا إلى أنه حرف واحد، فأدغموا تاء الافتعال عند الذال والتاء والطاء.
ولا تنكرنّ اختيارهم الحرف بين الحرفين فقد قالوا : ازدجر ومعناها : ازتجر، فجعلوا الدال عدلا بين التاء والزاى. ولقد قال بعضهم : مزجّر، فغلّب الزاى كما غلّب التاء. وسمعت بعض بنى عقيل يقول : عليك بأبوال الظباء فاصّعطها فإنها شفاء للطحل «١»، فغلب الصاد على التاء، وتاء الافتعال تصير مع الصاد والضاد طاء، كذلك الفصيح من الكلام كما قال اللّه عز وجل :(فمن اضطرّ فى مخمصة) «٢» ومعناها افتعل من الضرر. وقال اللّه تبارك وتعالى (وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) «٣» فجعلوا التاء طاء فى الافتعال.
و قوله : وَمُصَدِّقاً (٥٠) نصبت (مصدّقا) على فعل (جئت)، كأنه قال : وجئتكم مصدّقا لما بين يدىّ من التوراة، وليس نصبه بتابع لقوله (وجيها) لأنه لو كان كذلك لكان (ومصدّقا لما بين يديه).
وقوله : وَلِأُحِلَّ لَكُمْ الواو فيها بمنزلة قوله وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ «٤».
وقوله : فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ (٥٢) يقول : وجد عيسى. والإحساس : الوجود، تقول فى الكلام : هل أحسست أحدا.
وكذلك قوله هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ «٥».

(١) هو عظم الطحال. وهو مرض. وقوله : اصعطها : هو افتعال من الصعوط وهو لغة فى السعوط بإبدال السين صادا : وهو ما يستنشق فى الأنف.
(٢) آية ٣ سورة المائدة.
(٣) آية ١٣٢ سورة طه.
(٤) آية ٧٥ سورة الأنعام.
(٥) آية ٩٨ سورة مريم.


الصفحة التالية
Icon