معاني القرآن، ج ١، ص : ٢٣
محتاج إلى اسمين يكون الفعل بينهما كطرفة عين، وإن قصر قدر الذي بينهما مما يوجد «١»، فصلحت الفاء فى «إلى» لأنك تقول : أخذ المطر أوّله فكذا وكذا إلى آخره. فلمّا كان الفعل كثيرا شيئا بعد شىء فى المعنى كان فيه تأويل من الجزاء. ومثله أنهم قالوا : إن تأتنى فأنت محسن. ومحال أن تقول : إن تأتنى وأنت محسن فرضوا بالفاء جوابا فى الجزاء ولم تصلح الواو.
قال الكسائىّ : سمعت أعرابيّا ورأى الهلال فقال : الحمد للّه ما إهلالك إلى سرارك. يريد ما بين إهلالك إلى سرارك فجعلوا النصب الذي كان يكون فى «بين» فيما بعده إذا سقطت ليعلم أنّ معنى «بين» مراد. وحكى الكسائىّ عن بعض العرب : الشّنق ما خمسا إلى خمس وعشرين. يريد ما بين خمس إلى خمس وعشرين. والشّنق : ما لم تجب فيه الفريضة من الإبل. والأوقاص «٢» فى البقر.
وقوله : ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً... (٢٦)
كأنه قال - واللّه أعلم - ماذا أراد اللّه بمثل لا يعرفه كل أحد يضل به هذا ويهدى به هذا. قال اللّه : وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ.
وقوله : كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً... (٢٨)
على وجه التعجّب والتوبيخ لا على الاستفهام المحض [أي «٣»] ويحكم كيف تكفرون! وهو كقوله :«فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ» «٤». وقوله : كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ

(١) فى ج، ش :«الذي بينهما فصلحت».
(٢) الأوقاص (جمع وقص بالتحريك) : ما بين الفريضتين مما لم تجب فيه الزكاة كالشنق.
(٣) زيادة يقتضيها السياق. (انظر تفسير الطبري ج ١ ص ١٤٩) والعبارة فى ج، ش :«...
المحض، وهو كقوله : فأين أي ويحكم كيف تذهبون»
.
(٤) آية ٢٦ التكوير.


الصفحة التالية
Icon