معاني القرآن، ج ١، ص : ٢٣٤
و قوله : لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ (١٢٨)
فى نصيبه وجهان إن شئت جعلته معطوفا على قوله : لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ أي أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ وإن شئت جعلت نصبه على مذهب حتّى كما تقول : لا أزال ملازمك أو تعطينى، أو إلا أن تعطينى حقىّ.
وقوله : وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ... (١٣٥)
يقال [ما قبل «١» إلا] معرفة، وإنما يرفع ما بعد إلا بإتباعه ما قبله إذا كان نكرة ومعه جحد كقولك : ما عندى أحد إلا أبوك، فإن معنى قوله : وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ما يغفر الذنوب أحد إلا اللّه، فجعل على المعنى. وهو فى القرآن فى غير موضع.
وقوله : إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ... (١٤٠)
و قرح. وأكثر القرّاء على فتح القاف. وقد قرأ أصحاب عبد اللّه : قرح، وكأنّ القرح ألم الجراحات، وكأنّ القرح الجراح بأعيانها. وهو فى ذاته مثل قوله :
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ «٢» ووجدكم وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ «٣» وجهدهم، ولا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها «٤» [ووسعها].
وقوله : وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا يعلم المؤمن من غيره، والصابر من غيره.
وهذا فى مذهب أىّ ومن كما قال : لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى «٥» فإذا جعلت

(١) زيادة يقتضيها السياق. وهذا ذكر اعتراض على رفع المستثنى، جوابه قوله بعد :«فإن معنى قوله...».
(٢) آية ٦ سورة الطلاق. والضمّ قراءة الجمهور، والفتح قراءة الحسن والأعرج، كما فى البحر.
(٣) آية ٧٩ سورة التوبة.
(٤) آية ٢٨٦ سورة البقرة.
(٥) آية ١٢ سورة الكهف.


الصفحة التالية
Icon