معاني القرآن، ج ١، ص : ٢٥٤
إلى الفعل «١» كما قال أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ يريد : أو ملك أيمانكم. ولو قيل «٢» فى هذين (من) كان صوابا، ولكن الوجه ما جاء به الكتاب. وأنت تقول فى الكلام : خذ من عبيدى ما شئت، إذا أراد مشيئتك، فإن قلت : من شئت، فمعناه : خذ الذي تشاء.
وأما قوله : مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فإنها حروف لا تجرى «٣». وذلك أنهن مصروفات «٤» عن جهاتهنّ ألا ترى أنهنّ للثلاث والثلاثة، وأنهن لا يضفن إلى ما يضاف إليه الثلاثة والثلاث. فكان لا متناعه من الاضافة كأنّ فيه الألف واللام.
وامتنع من الألف واللام لأن فيه تأويل الإضافة كما كان بناء الثلاثة أن تضاف إلى جنسها، فيقال : ثلاث نسوة، وثلاثة رجال. وربما جعلوا مكان ثلاث ورباع مثلث ومربع، فلا يجرى أيضا كما لم يجر ثلاث ورباع لأنه مصروف، فيه من العلّة ما فى ثلاث ورباع. ومن جعلها نكرة وذهب بها إلى الأسماء أجراها.
والعرب تقول : ادخلوا ثلاث ثلاث، وثلاثا ثلاثا «٥». وقال الشاعر :
[وإنّ الغلام المستهام بذكره ] قتلنا به من بين مثنى وموحد
بأربعة منكم وآخر خامس وساد مع الإظلام فى رمح معبد «٦»

(١) يريد الحدث والمعنى الذي فى طاب، ولم يذهب إلى الذوات. ويقرب من هذا ما يذكر من ملاحظة الوصف. وحمل كلام الفرّاء على أن (ما) عنده مصدرية. ويبين عنه قوله :«يريد : أو ملك أيمانكم».
(٢) وهى قراءة إبراهيم بن أبى عبلة كما فى القرطبي.
(٣) الإجراء فى اصطلاح الكوفيين : صرف الاسم وتنوينه، وعدم الإجراء : منعه من الصرف.
(٤) أي معدولات.
(٥) ثبت فى ج، وسقط فى ش.
(٦) ساد : لغة فى سادس. ولم يرد الشطر الأول فى أصول الكتاب. وقد جاء فى شرح التسهيل لأبى حيان فى مبحث «ما لا ينصرف».


الصفحة التالية
Icon