معاني القرآن، ج ١، ص : ٣٠٩
المعنى : لا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر من هؤلاء ولا «من الذين هادوا» فترفع حينئذ (سمّاعون) على الاستئناف، فيكون مثل قوله «لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ» «١» ثم قال تبارك وتعالى :«طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ» ولو قيل : سماعين، وطوّافين لكان صوابا كما قال :«مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا» «٢» وكما قال :«إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ» «٣» ثم قال :«آخِذِينَ «٤»، وفاكِهِينَ «٥»، ومُتَّكِئِينَ» «٦» والنصب أكثر. وقد قال أيضا فى الرفع :«كَلَّا إِنَّها لَظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى » «٧» فرفع «٨» (نزّاعة) على الاستئناف، وهى نكرة من صفة معرفة. وكذلك قوله :
«لا «٩» تُبْقِي وَلا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ» وفى قراءة أبىّ «إنها «١٠» لإحدى الكبر نذير للبشر» بغير ألف. فما أتاك من مثل هذا فى الكلام نصبته ورفعته. ونصبه على القطع وعلى الحال. وإذا حسن فيه المدح أو الذمّ فهو وجه ثالث. ويصلح إذا نصبته على الشتم أو المدح أن تنصب معرفته كما نصبت نكرته. وكذلك قوله «سمّاعون للكذب أكّالون للسّحت» على ما ذكرت لك.
وقوله : وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ... (٤٥)
تنصب (النفس) بوقوع (أنّ) عليها. وأنت فى قوله (والعين بالعين والأنف بالأنف) إلى قوله (والجروح قصاص) بالخيار. إن شئت رفعت، وإن شئت
(٢) آية ٦١ سورة الأحزاب.
(٣) آية ١٥ سورة الذاريات.
(٤) آية ١٦ سورة الذاريات.
(٥) آية ١٨ سورة الطور وهى بعد قوله :«إن المتقين فى جنات ونعيم» وكأن الأمر اشتبه على المؤلف.
(٦) آية ٢٠ سورة الطور.
(٧) آيتا ١٥، ١٦ سورة المعارج.
(٨) وقرأ حفص من السبعة وبعض القرّاء من غيرهم بالنصب. [.....]
(٩) آيتا ٢٨، ٢٩ سورة المدّثر.
(١٠) آيتا ٣٥، ٣٦ سورة المدّثر.