معاني القرآن، ج ١، ص : ٣١٠
نصبت. وقد نصب حمزة ورفع الكسائىّ. قال الفراء : وحدّثنى إبراهيم «١» بن محمد ابن أبى يحيى عن أبان «٢» بن أبى عياش عن أنس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قرأ :(والعين بالعين) رفعا. قال الفرّاء : فإذا رفعت العين أتبع الكلام العين، وإن نصبنه فجائز. وقد كان بعضهم ينصب كله، فإذا انتهى إلى (والجروح قصاص) رفع. وكل صواب، إلا أن الرفع والنصب فى عطوف إنّ وأنّ إنما يسهلان إذا كان مع الأسماء أفاعيل مثل قوله (وإذا قيل إن وعد اللّه حق والساعة لا ريب فيها) «٣» كان النصب سهلا لأنّ بعد الساعة خبرها. ومثله إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ «٤» ومثله وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ «٥» فإذا لم يكن بعد الاسم الثاني خبر رفعته، كقوله عزّ وجلّ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ «٦» وكقوله فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ «٧» وكذلك تقول : إنّ أخاك قائم وزيد، رفعت (زيد) بإتباعه الاسم المضمر فى قائم. فابن على هذا.
وقوله «٨» : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى... (٦٩)
فإن رفع (الصابئين) على أنه عطف على (الذين)، و(الذين) حرف على جهة واحدة «٩» فى رفعه ونصبه وخفضه، فلمّا كان إعرابه واحدا وكان نصب (إنّ) نصبا
(٢) كانت وفاته سنة ١٤٠ ه.
(٣) آية ٣٢ سورة الجاثية. وقد قرأ حمزة بالنصب والباقون بالرفع.
(٤) آية ١٢٨ سورة الأعراف. وقد قرأ بالنصب ابن مسعود.
(٥) آية ١٩ سورة الجاثية.
(٦) آية ٣ سورة التوبة.
(٧) آية ٤ سورة التحريم.
(٨) هذه الآية فصلت بين أجزاء الآية ٤٥. وقد تكرر مثل هذا فى الكتاب.
(٩) يريد أنه مبنىّ غير معرب فلا يتغير آخره.